Friday, April 3, 2020

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية . شرح داود القيصرى فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية . شرح داود القيصرى فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية . شرح داود القيصرى فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

شرح الشيخ داود بن محمود بن محمد القَيْصَري كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
قال رضي الله عنه :  ( الصمد ) يقال على مالا جوف له : تقول ( هذا مصمود ) أي ليس بمجوف ، ويقال للمقصد والملجأ : قال الله تعالى ( الله الصمد ) .
ولما كان خالد ، عليه السلام ، في قومه صمدا محتاجا إليه ، ملجاء لهم ، يستندون إليه في كل حاجة ، وكان مظهرا للإسم ( الصمد ) وذاكرا ربه بالأحد الصمد ، اختصت الحكمة الصمدية بكلمته .

قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة خالد بن سنان ، فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية . ) أي ، أظهر بدعواه الإنباء عن البرزخ الذي بعد الموت ، وما أظهر نبوته في الدنيا ، لذلك قال نبينا ، صلى الله عليه وسلم : ( إني أولى الناس بعيسى بن مريم : فإنه ليس بيني وبينه نبي ) . أي ، نبي داع للخلق إلى الله ومشرع .

والمراد ب‍ ( البرزخ ) هنا الموطن الذي بين الدنيا والآخرة . وهو غير البرزخ الذي بين عالم الأرواح المثالي ، وبين هذه النشأة العنصرية ، كما مر في المقدمات  في الفصل الكاشف عن أحوال عالم المثال .

قال رضي الله عنه :  ( فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالك ) أي ، بما في البرزخ ( إلا بعد الموت ، فأمر أن
ينبش عليه ويسأل فيخبر أن الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا ، فيعلم بذلك )
الإخبار ( صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا . فكان غرض خالد
صلى الله عليه وسلم إيمان العالم كله بما جاءت به الرسل ) من أحوال القبر والمواطن
والمقامات البرزخية .

قال رضي الله عنه :  ( ليكون ) خالد ( رحمة للجميع ، فإنه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وعلم خالد أن الله أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظ وافر ولم يؤمر بالتبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك ) التبليغ من مقام الرسالة ( في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حق الخلق . )
أي ، ليعلم قوة علمه بأحوال الخلائق في البرزخ .

قال رضي الله عنه :  (  فأضاعه قومه . ولم يصف النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قومه بأنهم ضاعوا ، وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم ) أي ، أضاعوا وصية نبيهم ( حيث لم يبلغوه مراده . )
وقصته : أنه كان مع قومه يسكنون بلاد عدن ، فخرجت نار عظيمة من مغارة
فأهلكت الزرع والضرع ، فالتجأ إليه قومه . فأخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه
حتى رجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها . ثم ، قال لأولاده : إني أدخل
المغارة خلف النار لأطفئها .
وأمرهم أن يدعوه بعد ثلاثة أيام تامة . فإنهم إن نادوه قبل ثلاثة أيام ، فهو يخرج ويموت ، وإن صبروا ثلاثة أيام ، يخرج سالما .
فلما دخل ، صبروا يومين واستفزهم الشيطان . "" إستفزهم ، أي استخفهم ""
فلم يصبروا تمام ثلاثة أيام ، فظنوا أنه هلك ، فصاحوا به ، فخرج ، عليه السلام ، من المغارة وعلى رأسه ألم حصل من صياحهم .
فقال : ضيعتموني وضيعتم قولي ووصيتي . وأخبرهم بموته ، وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما .
فإنه يأتيهم قطيع من الغنم يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب ، فإذا حاذى قبره ووقف ، فلينبشوا عليه قبره ، فإنه يقوم ويخبرهم بأحوال البرزخ والقبر عن يقين ورؤية .

فانتظروا أربعين يوما ، فجاء القطيع ويقدمها حمار أبتر ، فوقف حذاء قبره . فهم مؤمنوا قومه أن ينبشوا عليه ، فأبى أولاده خوفا من العار لئلا يقال لهم أولاد المنبوش قبره قد فحملتهم الحمية الجاهلية على ذلك ، فضيعوا وصيته وأضاعوه .
فلما بعث رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، جاءته بنت خالد فقال عليه السلام : ( مرحبا بابنة نبي أضاعه قومه ) .
قال رضي الله عنه :  ( فهل بلغه الله أجر أمنيته ؟ فلا شك ولا خلاف في أن له أجرا الأمنية ، وإنما الشك والخلاف في أجر المطلوب هل يساوى تمنى وقوعه مع عدم وقوعه بالوجود ، أم لا . ) أي ، هل يساوى مجرد تمنى وقوعه حصول الشئ ، مع أنه لم يكن حاصلا بما هو حاصل في الوجود ، أم لا .

فقوله رضي الله عنه  : ( بالوجود ) متعلق ب‍ ( يساوى ) لا ب‍ ( الوقوع ) . يقال : هذا الشئ يساوى درهما ويساوى بدرهم .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن في الشرع ما يؤيد التساوي في مواضع كثيرة ، كالآتي للصلاة في الجماعة فيفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ، وكالمتمني مع فقره ما هو عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخير فيه . فله مثل أجورهم ، ولكن مثل أجورهم في نياتهم ، أو في عملهم فإنهم جمعوا بين العمل والنية ، ولم ينص النبي عليهما ولا على واحد منهما . والظاهر أنه لا تساوى بينهما .
ولذلك الأجر طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين ، فيحصل الأجرين . والله أعلم بالصواب . )
وفي بعض النسخ : ( فيحصل على الأجرين ) . الأمران هما النبوة ، والرسالة .
والأجران ما يترتب عليهما من الكمالات الأخراوية .
ويجوز أن يراد ب‍ ( الأمرين ) العمل والنية . وب‍ ( الأجرين ) ما يترتب عليهما من الثواب .
.
واتساب

No comments:

Post a Comment