Friday, April 3, 2020

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .شرح عبد الرحمن الجامي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .شرح عبد الرحمن الجامي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .شرح عبد الرحمن الجامي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

شرح الشيخ نور الدين عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامي على متن فصوص الحكم للشيخ الأكبر
الفصّ الخالدي
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة) .
..........................
فص حكمة صمدية في كلمة خالدية

الصمد : الملجأ والمحتاج إليه ، ولما كان خالد في قومه ملجأ لهم يصمدون إليه في المهمات ويقصدونه في الملمات جعلت حكمته صمدية ونسبت إليه كلمته


وقصته أنه كان في زمان الفترة وبين نبينا صلى اللّه عليه وسلم وبين عيسى عليه السلام قريبا من مبعث النبي صلى اللّه عليه وسلم كان مع قومه يسكنون بلاد عدن ، فخرجت نار عظيمة من مغارة فأهلكت الزرع والضرع ، فالتجأ إليه قومه فأخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه حتى رجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها ، 
ثم قال لأولاده : إني أدخل المغارة خلف النار حتى أطفؤها ، وأمرهم أن يدعوه بعد ثلاثة أيام تامة فإنهم إن نادوه قبل ثلاثة أيام فهو يخرج ويموت ، وإن صبروا ثلاثة أيام يخرج سالما ، فلما دخل صبروا يومين فاستفزهم الشيطان فلم يصبروا تمام ثلاثة أيام ، فظنوا أنه هلك فصاحوا فخرج عليه السلام من المغارة وعلى رأسه ألم حصل من صياحهم
فقال : ضيعتموني وأضعتم قولي ووصيتي ، وأخبرهم موته وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما ، فإنه يأتيهم قطيع من الغنم يقدمها حمارا أبتر مقطوع الذنب فإذا حاذى قبره ووقف فلينبشوا عليه قبره ، فإنه يقوم ويخبرهم بأحوال البرزخ والقبر عن يقين ورؤية ،
فانتظروا أربعين يوما ، فجاء القطيع ويقدمه حمار أبتر ، فوقف حذاء القبر فهم مؤمنو قومه أن ينبشوا عليه فأبى أولاده خوفا من العار لئلا يقال لهم : أولاد المنبوش ، فحملتهم الجاهلية على ذلك فضيعوا وصيته وأضاعوه فلما بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جاءته بنت خالد فألقى لها رداءه وأجلسها عليه . وقال مرحبا بابنة نبي أضاعه قومه .
"" أضاف المحقق :
رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ، ذكر نبي اللّه وروحه عيسى . . . ، حديث رقم ( 4173 ) [ ج 2 ص 654 ] ولفظه : « عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه : إني أطفىء عنكم نار الحدثان قال فقال له عمارة بن زياد رجل من قومه واللّه ما قلت لنا يا خالد قط إلّا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها قال فانطلق وانطلق معه عمارة بن زياد في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا قال فاستقبلها خالد فضربها بعصاه
وهو يقول بدا بدا بدا كل هدى زعم بن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثناي بيدي حتى دخل معها الشق قال فأبطأ عليهم قال فقال عمارة بن زياد واللّه لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم بعد قالوا ادعوه باسمه قال فقالوا إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه
فدعوه باسمه قال فخرج إليهم وقد أخذ برأسه
فقال ألم أنهكم أن تدعوني باسمي قد واللّه قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فانتبشوني فإنكم ستجدوني حيا
قال فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقلنا انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه قال عمارة بن زياد لا تحدث مضر إنا ننبش موتانا واللّه لا ننبشه أبدا
قال وقد كان أخبرهم أن في عكن امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تسألون عنه
وقال لا يمسهما حائض قال فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض
قال فذهب بما كان فيهما من علم
قال فقال أبو يونس قال سماك بن حرب سأل عنه النبي صلى اللّه عليه وسلم
فقال ذاك نبي أضاعه قومه
وقال أبو يونس قال سماك بن حرب أنّ ابن خالد بن سنان أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال مرحبا بابن أخي قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه
فإن أبا يونس هو الذي روى عن عكرمة هو حاتم بن أبي صغيرة وقد احتجا جميعا به واحتج البخاري بجميع ما يصح عن عكرمة
فأما موت خالد بن سنان هكذا فمختلف فيه فإني سمعت أبا الأصبغ عبد الملك بن نصر وأبا عثمان سعيد بن نصر وأبا عبد اللّه بن صالح المعافري الأندلسيين وجماعتهم عندي ثقات يذكرون أن بينهم وبين القيروان بحر وفي وسطها جبل عظيم لا يصعده أحد وإن طريقها في البحر على الجبل وأنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلا عليه صوف أبيض محتبيا في صوف أبيض ورأسه على يديه كأنه نائم لم يتغير منه شيء وإن جماعة أهل الناحية يشهدون أنه خالد بن سنان واللّه تعالى أعلم » .أهـ ""

( أما حكمة خالد بن سنان فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية) .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع . فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة)
................................................................
فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالك ) ، أي في البرزخ ( إلا بعد الموت فأمر أن ينبش عنه فيسأل فيخبر أن الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا ) ، في الألم واللذة والسعادة والشقاوة ( فيعلم بذلك صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا ) ، من أحوال البرزخ والآخرة ( فكان غرض خالد إيمان العالم كله بما جاءت به الرسل ليكون رحمة للجميع ) ، أي جميع العالم ( فإنه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه . ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته ؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته . وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا ؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما .)

وعلم ) خالد ( أن اللّه أرسله ) ، أي محمدا صلى اللّه عليه وسلم ( رحمة للعالمين ولم يكن خالد برسول فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظ وافر . ولم يؤمر بالتبليغ قبل الموت ، فأراد أن يحظى بذلك في أحوال البرزخ ليكون أقوى في العلم الذوقي ) ، الحاصل له ( في حق الخلق ) وأحوالهم البرزخية ( فأضاعه قومه ) ، كما علمت ( ولم يصف النبي صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنهم ضاعوا ) ، لأنه لم يكن رسولا مأمورا بالتبليغ حتى تلزم من تضييع ما أمرهم به ضياعهم لو كان كذلك لكانوا هم الضائعين أولا ( وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم ) ، بإضاعة وصيته ( حيث لم يبلغوه مراده ) ، كما عرفت .

( فهل بلغه اللّه أجر أمنيته ؟ فلا شك ولا خلاف في أن له أجر أمنيته وإنما الشك والخلاف في أجر ) العمل ( المطلوب وأنه هل يساوي تمني وقوعه ) ، أي وقوع العمل المطلوب مع ( عدم وقوعه بالوجود ) ، أي وجود العمل المطلوب ( أم لا ) ، فقوله بالوجود متعلق بتساوي .
( فإن في الشرع ما يؤيد التساوي في مواضع كثيرة كالآتي للصلاة في الجماعة فتفوته ال 7 جماعة فله أجر من حضر الجماعة ) ، وظاهر أنه ليس للآتي للصلاة مجرد التمني بل مع السعي للجماعة ( وكالمتمني مع فقره ما هم عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكن له مثل أجورهم في نياتهم أو في عملهم فإنهم جمعوا بين العمل والنية ولم ينص النبي صلى اللّه عليه وسلم عليهما ولا على واحد منهما . والظاهر أنه لا تساوي بينهما ) ، فإن النسبة بينهما نسبة الكل إلى الأجزاء .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)

( ولذلك ) ، أي لعدم التساوي بينهما ( طلب خالد بن سنان الإبلاغ ) ولو في البرزخ ( حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين ) ، تمني العمل والإثبات ( فيحصل على الأجرين ) ، أجر التمني والعمل ( واللّه سبحانه أعلم ) وأعلى وأجل .
تمّ الفص الخالددي
.
التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment