Thursday, March 5, 2020

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الحادية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الحادية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الحادية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول : وحقّ الهوى إنّ الهوى سبب الهوى .... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى ، ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ، كيف تمّم في حقّ من عبد هواه واتّخذه إلها فقال :" وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ " والضّلالة الحيرة ، وذلك أنّه لمّا رأى هذا العابد ما عبد إلّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره من عبادة من عبده من الأشخاص . حتّى أنّ عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجانب المقدّس هوى - وهو الإرادة بمحبّته ما عبد اللّه ولا آثره على غيره . وكذلك كلّ من عبد صورة ما من صور العالم واتّخذها إلها ما اتّخذها إلّا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه . )

(وفيه) ، أي في الهوى (أقول) ، أي يقول المصنف قدس اللّه سره .
(وحق) بواو القسم (الهوى) أقسم به لعظمته في ملك اللّه تعالى حيث جعل اللّه تعالى له هذه السلطنة والقهر والاستيلاء على النفوس البشرية بحيث لا يمكنها التخلف عن أمره في الغالب (إن الهوى) المذكور (سبب) وجود (الهوى) ، أي وجود نفسه إذ لا سبب لوجوده في النفوس البشرية إلا نفسه لأنه لا سبب أعظم منه حتى يكون سببا لوجوده ولولا وجود (الهوى في القلب ما عبد) بالبناء للمفعول الهوى ، أي صار معبودا من دون اللّه تعالى .

(ألا ترى) يا أيها السالك علم اللّه تعالى بالأشياء ما أكمله ، أي ما أكثر كماله كيف تمم ، أي علمه تعالى بقوله سبحانه في حق من عبد هواه من أهل الغفلة والحجاب واتخذه ، أي الهوى إلها ، أي معبودا من دون اللّه تعالى فقال سبحانه وأضله اللّه تعالى ، أي جعله ضالا على علم منه بذلك والضلالة هي الحيرة ، أي تردد في الأمر من غير جزم به (و) بيان (ذلك أنه) ، أي الشأن لما رأى هذا العابد في نفسه بأنه ما عبد إلا هواه بانقياده ، أي بسبب انقياده لطاعته ، أي طاعة هواه فيما ، أي في كل شيء يأمره ، أي هواه به من عبادة من عبده هذا العابد من الأشخاص الكونية كالصنم ونحوه في الكفر .

(حتى أن عبادته) ، أي العابد الغافل للّه تعالى في الإسلام (كانت عن هوى أيضا) فيمن لم تهذبه الرياضة الشرعية ولم تتطهر مرآة بصيرته من حيث الأكوان (لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس) ، وهو حضرة الحق تعالى (هوى) إلى دخول الجنة التي أمن بها في الدنيا فيتشوق إلى نعيمها والنجاة من النار من أحوالها وجحيمها وهو ، أي الهوى الإرادة للشيء (بمحبة) له (ما عبد) ذلك العابد (اللّه) تعالى بامتثال أوامره سبحانه واجتناب نواهيه (ولا آثره) ، أي قدمه تعالى (على غيره) في الطاعة وترك المعصية .

ولهذا قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي قدس اللّه سره :
من أقطع القواطع عن اللّه شهوة الوصول إلى اللّه . وذلك لأنه هوى يعتري السالكين في طريق اللّه تعالى فيقطعهم عن سلوكهم (وكذلك كل من عبد صورة مّا) ، يعني ، أي صورة كانت (من صور العالم) بالكفر (واتخذها) ، أي تلك الصورة (إلها) من دون اللّه تعالى (ما اتخذها) كذلك (إلا بالهوى) القائم بنفسه (فالعابد) مسلما كان أو كافرا (لا يزال تحت) قهر (سلطان هواه) له أي لا يستطيع مخالفته بخلاف الشاكر فإنه تحت قهر أمر ربه في تصريف القدرة الإلهية .
قال تعالى : " اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ" [ سبأ : 13 ]
ونبينا صلى اللّه عليه وسلم قام الليل حتى تورمت قدماه قيل له في ذلك ، فقال : « أفلا أكون عبدا شكورا » . رواه البخاري و مسلم و غيرهما.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( أقول شعر : وحق الهوى ) والمراد هو الحق .
( أن الهوى سب الهوى ... ولولا الهوى في القلب ) وهو المعبود بذاته
( ما عبد الهوى ) وهو المعبود بالهوى ( ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ) أي علمه و ( كيف تمم ) علمه ( في حق من عبد هواه واتخذه إلها ) أي سماه إلها فقط دون من مجالي الحق لظهور الحق له فيه دون غيره .

قال رضي الله عنه :  ( فقال ) في حقه (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ والضلالة الحيرة وذلك ) التكميل والتتميم ( أنه لما رأى ) الحق ( هذا العابد ) وهو من عبده هواه واتخذه إلها ( ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته ) أي لطاعة هواه ( فيما ) أي في الذي ( يأمره ) الهوى ( به ) راجع إلى العابد ( من عبادة من عبده من الأشخاص ) بيان لما ( حتى أن عبادته ) أي عبادة من عبده هواه ( للَّه كانت عن هوى أيضا ) كما أن عبادته لمن عبده من الأشخاص عن هوى وإنما كانت عبادة هذا العباد عن هوى

قال رضي الله عنه :  ( لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة ) النفسانية من رجاء الجنة والنجاة عن النار ( بمحبته ) أي مع محبة اللّه ( ما عبد اللّه ولا آثره على غيره ) ولولا عظمة شأن الهوى لما سلط على هذا العابد .

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ما اتخذها ) إلها ( إلا بالهوى ) فإذا كان كذلك ( فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ) فله حكم في كل عابد.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  (  وفيه أقول: وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره. وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  
للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه وذلك نص في قوله:
"وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) ،أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة ولذلك يسمی تعالی برفیع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة. 
قال وأعظم ما عبد فيه درجة الهوى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" (الجاثية:23) ثم بين أنه ما عبد عابد إلا هواه . وكلامه واضح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول :
وحقّ الهوى إنّ الهوى سبب الهوى  .... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى ).

قال العبد : يشير رضي الله عنه  إلى أنّ عبودتي التألَّه والتسخير لا تكونان من العابد لأيّ معبود كان إلَّا بهواه ، فما عبد إلَّا الهوى ، فهو الصنم والجبت والطاغوت الحقيقي لمن يرى غير الحق في الوجود . وأمّا عند العارف فهو أعظم تجلّ أو أعظم مجلى عبد فيه ، وهو باطن أبدا لا يظهر بالعين إلَّا في الأصنام وكلَّيات مراتبه بعد الأنواع المعبودة ، وهي وإن كثرت فقد أشرنا إلى أمّهاتها في الفصّ النوحي ، فانظرها فيه .

قال رضي الله عنه  : ( ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله ، كيف تمّم في حق من عبد هواه ، واتّخذه إلها ، فقال : « وَأَضَلَّه ُ الله عَلى عِلْمٍ » [ الجاثية : 23 ]  والضلالة : الحيرة ،
وذلك أنّه لمّا  رأى هذا العابد ما عبد إلَّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص ، حتى أنّ عبادته لله كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدّس هوى  وهو الإرادة بمحبّة - ما عبد الله ولا آثره على غيره ،
فكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتّخذها إلها ما اتّخذها إلَّا بالهوى ، فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ،)

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ حقيقة الهوى لمّا كانت ميلا نفسيا من كل ذي هوى إلى ما فيه هواه بحسب مناسبة إيّاه ، فالمعبود في الكلّ - وإن تكثّرت أشخاص المعبودين - بحسب توجّهات العابدين إلى ما فيه نسبة مميلة لهم إليها من كون تلك النسبة فيهم أيضا ، فحملتهم وأمالتهم إليها في جهة أخرى ، فعبد نفسه في غيره من وجه ، وما عبد ذلك الغير من كونه غيرا ، بل من كون ما فيه منه وفيه ، وسواء كان ذلك الغير حقا أو خلقا ، كائنا من كان ،
فإنّه ما عبده إلَّا بحسب ذلك الميل الكلَّي الحبّي إلى المعبود ، بحسب ما منه فيه ، فما عبده إلَّا بهواه ، فلم يعبد إلَّا هواه ، وهو ما يهوى أبدا إلَّا نفسه ، ولكن فيما يغايره من وجه ، ولا يمكن أن يهوى أحد غيره من حيث هما غيران ، لعدم الجامع ووجود المباينة ، ولا يمكن أيضا أن يهوى أحد نفسه في نفسه ، لعدم الاثنينية والبينيّة ، ووجود الأحدية ، وتحصيل الحاصل باطل .

ولا يقال : كيف يطلب أحد نفسه أو يميل إلى نفسه أو يهواه وهو هو نفسه واحد والواحد من كونه واحدا حاصل لنفسه ، وليس فيه اختلاف جهة يقتضي الميل من جهة إلى جهة ؟ !
لأنّا أعلمناك أنّ الطالب ومن له هوى في شيء إنّما يهوى نفسه في غيره طلبا للاتّحاد وظهور الوحدة الأصلية الأصلية ، ولهذه الحكمة أضلَّه الله على علم بحقيقة الأمر أنّه - تبارك وتعالى - عينه وعين ما يعبده ، وهو ما يميل إلَّا إلى عينه ، ولا يعبد إلَّا عينه ، ولا يهوى إلَّا عينه ، وإنّما تقع المؤاخذة والعتب على عدم العلم ولما وله بنفسه وعينه من حيث شخصيّته وتعيّنه وحصر هواه وميله إلى العين المتعيّنة المتشخّصة بتعيّن يمتاز عن الكلّ ، والحق المطلق والعين المحيطة والأمر الكليّ يقتضي بإطلاق الكلّ والهوى عن كل قيد حتى عن الإطلاق و الإلهية التي أمر ربّها أن لا يعبد إلَّا إيّاه تقتضي لذاتها الانحصار في جهة معيّنة من كل وجه فهكذا ، وبحسب ذلك يجب أن يكون هوى المحقّق المحقّ والمدقّق المرقّ إلى الحق المطلق في عين جمعه بين التعيّن واللا تعيّن مطلقا عن كل قيد .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وفيه أقول : وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ...  ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى )

وأما البيت فمعناه :
أنه أقسم بحق العشق الأحدى الذي هو حب الحق ذاته أنه سبب الهوى الجزئي الظاهري في كل متعين بتنزلاته في صور التعينات ، ولولا الهوى الحب الباطن المعين في القلب ما عبد الهوى الظاهر في النفس لأنه عينه تنزل عن التعين القلبي إلى التعين النفسي مع أحدية عينه في الكل .

قال رضي الله عنه :  (ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله ، كيف تمم في حق من عبد هواه واتخذه إلها ، فقال : " وأَضَلَّه الله عَلى عِلْمٍ " - والضلالة الحيرة ، وذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص ، حتى أن عبادته لله تعالى كانت عن هوى أيضا ، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره ) .

أي كيف تمم العلم في حق من عبد هواه حيث نكره تنكير تعظيم أي على علم كامل لا يبلغ كنهه ، وذلك أن أصل الهوى هو الحب اللازم لشهوده تعالى ذاته بذاته ، فإنه تعالى أقوى الأشياء إدراكا وأتم الأشياء كمالا ولا يدرك ، واقف للمدرك من ذاته بذاته ،
فذاته أحب الأشياء إليه بل الحب عين الحب ، وحقيقته ليس إلا حبه لذاته ، وهو العشق الحقيقي وما عداه رشحة من ذلك البحر ولمعة من ذلك النور ،

فلا ميل في شيء إلى شيء إلا وهو جزئي من جزئيات ذلك الحب ، فلا محب إلا وهو يحب نفسه في محبوبه أي محبوب كان لأن المحبة لازمة للوحدة الحقيقية ،
فبسريان الوحدة في الوجود تسرى المحبة فيه لكنها تختلف بحسب كثرة التعينات المتوسطة بينها وبين الأول وقلتها ،

فكلما كانت الوسائط أكثر كان أحكام الوجوب فيها أخفى وأحكام الإمكان أظهر وبالعكس ، وينبنى على ذلك المذمة والمحمدة بحسب تنوع أنواعها ، وتختلف أسماؤها في الانتهاء كما بيناها في رسالة المحبة ، فالحاصل أن كل هوى كان أقرب إلى الحب الكلى ،
والأقرب بقلة الوسائط والتعينات كان أحمد وأشرف وأقوى في نفسه وأظهر ، وصاحبه أعلى مقاما وأرفع رتبة ، وأكثر تجردا وأشرف ذاتا وأقرب إلى الحق تعالى ، وكلما كان الحب أبعد من الحب الكلى المطلق بكثرة الوسائط والتعينات كان أخس وأذم وأضعف في نفسه وأخفى ، وصاحبه أدنى رتبة ، وأكثر تقيدا واحتجابا وأخس وجودا وأبعد من الله تعالى ،
"" أضاف بالى زاده :
( واتخذه إلها ) أي سماه إلها فقط دون غيره من مجالي الحق ، لظهور الحق له فيه دون غيره فقال في حقه - وأَضَلَّه الله )   .أهـ بالى زاده

وذلك أي التكميل والتعميم لما رأى الحق هذا العابد ما عبد إلا هواه  ولهذا أي لأن المعبود الخاص مجلى للحق في بصر هذا المحجوب بتعيين معبوده الذي هو المجلى الخاص
 .أهـ بالى زاده ""

والحقيقة من حيث هي هي واحدة ، فمن علم حقيقة الهوى كان على علم عظيم ، وقد حيره الله حيث وجده في الحقيقة محمودا غاية الحمد ، ومع التغشى بغواشى التعينات مذموما غاية الذم ، فتحير بين كونه حقا وبين كونه باطلا ،

والحق مطلع على أنه لا يعبد في الجهة العليا والسفلى بهواه إلا إياه إذ ليس في الوجود شيء إلا وهو عين الحق ، ألا ترى إلى قوله -   ( وهُوَ الله في السَّماواتِ وفي الأَرْضِ )   - وقوله -   ( وهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إِله وفي الأَرْضِ إِله )   - وقوله عليه الصلاة والسلام « لو دلى أحدكم بحبل لهبط على الله »
فكل ما عبده عابد في أحد الجهتين لا يعبده إلا بهواه إذ هو الذي يأمره بعبادة ما يعبده فلا يطيع في الحقيقة إلا هواه حتى إن الحق المطلق لم يعبد إلا بالهوى ، إلا أنه يسمى باسم أشرف كالإرادة ،

وهي محبة ما إما محبة النجاة والدرجات ، أو كمال النفس ، أو محبة صفات الله تعالى ، أو محبة ذاته تعالى وتقدس ، ولذلك نكر المحبة فقال وهو الإرادة بمحبة ، إذ لو لم يكن له نوع من أنواع المحبة ما عبد الله تعالى ولا آثره على غيره

قال رضي الله عنه : ( وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى ، فالعبد لا يزال تحت سلطان هواه ) .

ولذلك أطلق بعض المحققين من المتأخرين كالعراقى وغيره اسم العشق على الحق تعالى نظرا إلى الحقيقة ، فإن العشق والمعشوق ثمة ليس في الحقيقة إلا واحدا لا فرق إلا بالاعتبار كالعلم والعالم والمعلوم . وإذا تقرر قاعدة التوحيد الحقيقي فلا مشاحة في الألفاظ ،

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول :وحق الهوى أن الهوى سبب الهوى * ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى )
قال ، رضي الله عنه ، في فتوحاته : شاهدت الهوى في بعض المكاشفات ظاهرا بالألوهية قاعدا على عرشه ، وجميع عبدته حافين عليه واقفين عنده . وما شاهدت معبودا في الصور الكونية أعظم منه .

قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله ، كيف تمم في حق من عبد هواه واتخذه إلها . فقال : " وأضله الله على علم " . والضلال الحيرة ، وذلك أنه ) أي ، وذلك القول والتتميم هو أن الحق ( لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته )
أي ، بانقياد العباد لطاعة هواه . ( فيما يأمر به من عبادة من عبده من الأشخاص )
جواب ( لما ) قوله فيما بعد : ( فأضله الله على علم ، أي حيره الله على علم ) .
ألا ترى ما أكمل علم الله حيث تمم الكلام هنا بقوله : "وأضله الله على علم " .
والضلالة هي الحيرة فيما حير العابد لهواه إلا الله بظهوره وتجليه في الصور الهوائية ومراتبها .
وذلك الإضلال مبنى على علم عظيم حاصل من الله بأسرار تجلياته في تلك الصور وغاياتها . أي ، هذا الإضلال والحيرة ما كان إلا من علم عظيم من الله بمجالي الهوى وأعيان عبدته وطلب استعداداتهم ذلك ليعبد بواسطة الهوى في جميع الصور الوجودية والمراتب الكونية .

فتحير العارفين بكثرة التجليات وتنوع الظهورات ، والمحجوبين بالوقوف فيما عبدوا ، لأنهم يعرفون أن ما عبدوا ليس بإله موجد لهم ، وهو ممكن مثلهم ، ومع ذلك يجدون في بواطنهم
ميلا عظيما إليه بحيث لا يمكنهم الخلاص منه والتعدي عنه ، فيحصل الضلال والحيرة .

قال رضي الله عنه :  ( حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا ، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى ، وهو الإرادة بمحبة ، ما عبد الله ولا آثره على غيره ) أي ، الهوى سلط على نفوس العابدين حتى من يعبد الله أيضا ما يعبده إلا عن هوى ، لأنه لو لم يقع في ذلك الجناب هوى من إرادة الجنة والنجاة من النار والفوز بالدرجات العالية ، ما كان يعبده .
كما ذكرنا أبياتا في هذا المعنى
:
عبدنا الهوى أيام جهل وإننا  ...  لفي غمرة من سكرنا من شرابه
وعشنا زمانا نعبد الحق للهوى  ...  من الجنة الأعلى وحسن ثوابه
فلما تجلى نوره في قلوبنا  ...  عبدنا رجاء في اللقاء وخطابه
فمرجع أنواع العبودية الهوى  ...  سوى من يكن عبدا لعز جنابه
ويعبده من غير شئ من الهوى  ...  ولا للنوى من ناره وعقابه

وقوله : ( هو الإرادة بمحبة ) تفسير للهوى . أي ، الهوى هو الإرادة النفسانية مع المحبة الإلهية .

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ، ما اتخذها إلا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه).

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول : وحقّ الهوى إنّ الهوى سبب الهوى... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى .. ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ، كيف تمّم في حقّ من عبد هواه واتّخذه إلها فقال :وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] ، والضّلالة الحيرة ، وذلك أنّه لمّا رأى هذا العابد ما عبد إلّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره من عبادة من عبده من الأشخاص ، حتّى أنّ عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجانب المقدّس هوى وهو الإرادة بمحبّته ما عبد اللّه ولا آثره على غيره ، وكذلك كلّ من عبد صورة ما من صور العالم واتّخذها إلهاما اتّخذها إلّا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ) .
قال رضي الله عنه :  ( وفيه ) أي : وفي كون الهوى معبودا بذاته ( أقول : وحق الهوى ) أي : الحب الإلهي المشار إليه بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « كنت كنزا مخفيّا ، فأحببت أن أعرف » .
وسبب ظهور الهوى ( أن الهوى سبب ) عبادة ( الهوى ) ؛ وذلك لأنه ( لولا الهوى في القلب ) : وهو الميل الموجب لإرادة عبادة الهوى ، ( ما عبد الهوى ) ، إذ العبادة فعل اختياري يتوقف على الميل والإرادة ، ولكن مع كون الهوى معبودا بالذات لمن يعبد الصور قد لا يشعر به صاحبه ..
كما قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ) فعلم ما يعبده العابد ، ولا يعلم العابد من نفسه أنه يعبده ( كيف تمم في حق من عبد هواه ) في عبادة الصور ، ( واتخذه ) هواه ( إلها ) مع أنه ينكر إلهيته ويجعلها للأصنام مثلا ،( وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] ) أي : حيره ، فلا يدري أن معبوده بالذات هو الهوى ، مع أنه يعلم أنه لا يعبد ما يعبد إلا عن أمر الهوى ، وإنما حملنا الإضلال على التحير ؛ لأن ( الضلالة الحيرة وذلك ) أي : إضلال الحق إياه على علم ( أنه ) أي : الحق ( لما رأى هذا العابد ) لأي شيء كان ( ما عبد إلا هواه ) ؛ لأنه الآمر بهذه العبادات كلها ، فيعبده ( بانقياده ) لأمره ،

وذلك الانقياد ( لطاعته فيما يأمره ) بلسان الحال ( من عبادة من عبده من الأشخاص ) ، أضله اللّه عن معبوده بالذات ، كما أضله عن عبادته ، والهوى : هو الأمر بعبادة كل معبود ( حتى أن عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ؛ لأن لو لم تقع له ) أي : لما بدا اللّه ( في ذلك الجناب المقدس هوى ، وهو الإرادة ) الحاصلة ( لمحبته ) هي الهوى والميل بالحقيقة ( ما عبد اللّه ) ؛ لأنه فعل اختياري يتوقف على الميل والإرادة ، كيف وهو مؤثر عبادة اللّه على عبادة غيره ، وعلى ترك العبادة ،
ولولا الإرادة ( ما آثره ) للعبادة ( على غيره ، وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم ) السفلية والعلوية بسبب ما فيها من الغيرة أو من التأثير ، ( واتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى ) ؛ لأن الإلهية وإن كانت من الاعتقادات ، لكنها إنما كانت معبودة بالهوى ، والإلهية إنما تتم بالعبادة ، فهي أيضا بالهوى .

قال رضي الله عنه :   ( فالعابد ) سواء كان عابدا للّه أو لغيره ( تحت سلطان هواه ) ، لكن من عبد اللّه لا يقال فيه : إنه اتخذ إلهه هواه ؛ لأن من عبد الهوى أو غيره من المعبودات الباطلة ، إنما يعبده من حيث أنه مجلى إلهي ، وهذا ينفي عبادة المجالي ويقصد عبادة الحق ،
فلم يكن عابدا لهواه وإن كان تحت سلطانه ، مع أنه يقصد بذلك امتثال أمر اللّه لا أمر الهوى في عبادة اللّه تابع لأمر الحق بخلاف أمره بعباده غيره ، فإنه لا يتبع فيه أحدا إلا الشيطان ،
فصار أمر الهوى في عبادة اللّه كأمر أولي الأمر من الإمام والعلماء والأولياء والأنبياء عليهم السلام .

"" أضاف المحقق :
الأنبياء والأولياء العارفون وإن كانوا ينكرون العبادة للأرباب الجزئية لكن إنكارهم ليس لاحتجابهم عن الحق الظاهر في صور الأشياء ، بل إنكارهم بحسب اقتضاء ثبوتهم ، وبحسب اقتضاء الظاهر ؛ فإنهم يرون بحسب الباطن في كل شيء . شرح القاشاني . أهـ ""

ولولا أن في الهوى قوة متابعة الحق ما خلقه أصلا بحسب مقتضى السنة الإلهية ، وستأتي الإشارة إلى ذلك عن قريب ، لكن ذكرناه هاهنا مخافة طعن المنكرين على البدار فبادرناه .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

ولذلك قال : ( وفيه أقول ) نظما محلَّفا به باعتبار أنّه هو اسم « هو » الظاهر بفتح هويّات أعيانه بقوله :( وحقّ الهوى أنّ الهوى سبب الهوى ) يعني بحقّ الاقتضاء الذاتي ، المعبّر عنه في بعض العبارات بالعشق ، وهو الذي عبّر عنه بالهوى ، إنّ الهوى الذي هو الميل الطبيعي المعبّر عنه بالحركة الحبّية السارية في سائر الموجودات هو سبب هذا الميل الجزئي الإرادي ، الذي للناس ، به يتوجهون نحو معبودهم ، ويولَّون قبلة مقصودهم ، فهو أصل سائر الميول والحركات ظاهرا وباطنا . بل أصل الكلّ ميلا كان أو صاحبه ،

ولذلك قال :( ولولا الهوى في القلب ) أي الميل الكلَّي والحركة الوجوديّة الأصلية ( ما عبد الهوى ) بالحركات الجزئيّة الكونيّة فالمعبود في الكلّ إنما هو الحق ، وكذلك العابد على ما هو المعلوم من الآية الكريمة القائلة : " وَأَضَلَّه ُ الله عَلى عِلْمٍ "  [ 45 / 23 ] .
وإليه أشار بقوله : ( ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله ، كيف تمم في حقّ من عبد هواه واتخذه إلها ) حيث ما أخرجه في تلك الضلالة عن أن يكون عن علم

( فقال :" وَأَضَلَّه ُ الله عَلى عِلْمٍ "  [ 45 / 23 ] والضلالة : الحيرة ) على ما هو مقتضى تعدّد وجهة المتّخذين هواهم إلها ، لتكثّر صور هويّات متعلَّقات أهويتهم ، فإنّ تعدّد جهات المقصد وتخالفها مما يوجب التحيّر ضرورة ، ولكن لما عرف إيصال الكلّ إجمالا ، يكون ذلك على علم .
لا يعبد معبود إلا بالهوى
( و ) وجه تفصيل ( ذلك ) التتميم ( أنّه لما رأى هذا العابد ما عبد إلَّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به في عبادة من عبده من الأشخاص ) - التي هي متعلَّقات أهوية العباد ، عينيّة ذلك ، أو عقليّة ، وهميّة أو خياليّة فإنّه يشمل سائر العبادات من العبد - ( حتّى أنّ عبادته لله كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدّس ) من حيث هو عن تطرّق الأهوية

قال رضي الله عنه  : ( هوى ) من عند نفسه - ( وهو الإرادة ) المنبعثة عمّا يسوق همّته إليه ، من الملاذّ الجسمانيّة ، أو الأحوال الوجدانيّة ، أو المدارك الروحانيّة( لما اختار ما عند الله ) من تلك المقاصد المتعالية بحسب علوّ الهمم ( ولا آثره على غيره ) .

معنى : أضله الله على علم
هذا إذا كان المعبود له صورة اعتقاديّة ذهنيّة ( وكذلك كلّ من عبد صورة ما من صور العالم ) وأصنامه - ماليّة كانت أو جاهيّة - ( واتّخذها إلها ، ما اتّخذها إلَّا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ) ثم رأى المعبودات التي هي متعلَّقات الهوى تتنوّع في العابدين بحسب تخالف حقائقها وتدافع بعضها البعض ،

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  وفيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول :وحقّ الهوى إنّ الهوى سبب الهوى  ....  ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى .. ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ، كيف تمّم في حقّ من عبد هواه واتّخذه إلها فقال : وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ والضّلالة الحيرة ، وذلك أنّه لمّا رأى هذا العابد ما عقل وأدرك الحقائق )

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول : وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى . . ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى ) .
يعني بحق الحب الأصلي المعبر عنه في الحديث القدسي بقوله : « كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف » أن ذلك الهوى بعينه هو سبب الهوى المخبى الفرعي الذي انجذبت به القلوب إلى جمال الحق وكماله المطلق ،
ولولا ذلك الهوى المخبى الفرعي في القلوب ما عبد الهوى الذي هو الميل إلى مظاهره الكونية ومجاليه الخلقية بالاتباع له والانقياد لحكمه ( ألا ترى علم اللّه في الأشياء ما أكمله كيف تمم ) العلم أو تمم الآية الواردة ( في حق من عبد هواه واتخذه إلها ) ، أعني قوله :أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ( فقال : ) تتميمه بها (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] والضلالة الحيرة وذلك ) لتتميم.

"" أضاف الجامع :
يقول الشيخ في الفتوحات الباب الأحد والثلاثون وثلاثمائة :
واعلم أنه لولا الهوى ما عبد الله في غيره وإن الهوى أعظم إله متخذ عبد فإنه لنفسه حكم وهو الواضع كل ما عبد وفيه قلت :
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ..... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
قال تعالى : "أَفَرَأَيْتَ من اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وأَضَلَّهُ الله عَلى عِلْمٍ " فلولا قوة سلطانه في الإنسان ما أثر مثل هذا الأثر فيمن هو على علم بأنه ليس بإله

يقول الشيخ في الفتوحات الباب الباب التاسع والخمسون وخمسمائة:
ومن ذلك سر عبادة الهوى لما ذا تهوي من الباب 52 لا احتجار على الهوى
ولهذا يهوى بالهوى يجتنب الهوى
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ..... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
بالهوى يتبع الحق
والهوى يقعدك مقعد الصدق الهوى ملاذ وفي العبادة به التذاذ وهو معاذ لمن به عاذ
والنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وما غَوى
فبهوى النجم وقع القسم بعد ما طلع ونجم مواقع النجوم لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
فلولا علو قدره ما عظم من أمره.

يقول الشيخ في الفتوحات الباب الباب التاسع والخمسون وخمسمائة:
ومن ذلك المقام الأجلى في المجلى من الباب 262 في المجلى تذهب العقول والألباب وهو للأولياء العارفين والأحباب
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ..... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
وما ثم غيره فالأمر أمره العقل محتاج إليه وخديم بين يديه له التصريف والاستقامة والتحريف عم حكمه لما عظم علمه فضل عليه العقل بالنظر الفكري والنقل ما حجبه عن القلوب إلا اسمه وما ثم إلا قضاؤه وحكمه
ما سمي العقل إلا من تعقله ..... ولا الهوى بالهوى إلا من اللدد
إن الهوى صفة والحق يعلمها ..... يضل عن منهج التشريع في حيد
هو الإرادة لا أكني فتجهله ..... لولاه ما رمى الشيطان بالحسد
والعقل ينزل عن هذا المقام فما ..... له به قدم فانظره يا سندي
له النفوذ ولا يدري به أحد ..... له التحكم في الأرواح والجسد
هو الذي خافت الألباب سطوته ..... هو الأمين الذي قد خص بالبلد   ""

قال رضي الله عنه :  ( عبد إلّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره من عبادة من عبده من الأشخاص . حتّى أنّ عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجانب المقدّس هوى وهو الإرادة بمحبّته ما عبد اللّه ولا آثره على غيره . وكذلك كلّ من عبد صورة ما من صور العالم واتّخذها إلها ما اتّخذها إلّا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه . )

قال رضي الله عنه :  ( أنه ) ، أي الحق تعالى ( لما رأى أن العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته ) ، أي بانقياد العابد لطاعة هواه ( فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص حتى أن عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس ) ، عن أن يتطرق إليه كل أحد ( هوى وهو الإرادة بمحبة ) ، أي إرادة نفسانية مع محبة إلهية كإرادة الجنة والنجاة من النار والفوز بالدرجات العالية .

قال رضي الله عنه :  ( ما عبد اللّه ولا آثره على غيره . وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ما اتخذها ) ، إلها ( إلا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ).
ثم رأى المعبودات عطف على قوله رأى أن العابد ، ثم رأى الحق تعالى المعبودات الكونية
 .
واتساب

No comments:

Post a Comment