Thursday, March 5, 2020

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الرابعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الرابعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الرابعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

 قال رضي الله عنه :  ( فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، فكان موسى أعلم من هارون لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأنّ اللّه قد قضى أن لا يعبد إلّا إيّاه : وما حكم اللّه بشيء إلّا وقع . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ، فإنّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شيء ، بل يراه عين كلّ شيء . فكان موسى يربّي هارون تربية علم وإن كان أصغر منه في السّنّ . ولذلك لمّا قال له هارون ما قال ، رجع إلى السّامريّ فقال له :فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ [ طه : 95 ] ؟ يعني فيما صنعت من عدولك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشّبح من حليّ القوم حتّى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم . فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السّماء تكن قلوبكم في السّماء ) .

فخشي هارون عليه السلام أن ينسب عند أخيه موسى عليه السلام ذلك الفرقان ، أي التفرق الذي وقع بينهم إليه ، أي إلى هارون عليه السلام فكان موسى عليه السلام أعلم بالأمر الإلهي على ما هو عليه في نفسه من أخيه هارون عليه السلام لأنه ، أي موسى عليه السلام علم ما عبده في نفس الأمر أصحاب العجل وكانوا هم لا يعلمون فكفروا بعبادتهم لغير اللّه تعالى في نظرهم وإن قالوا :هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى[ طه : 88 ] .
كما حكاه تعالى من قول السامري وهم تبعوه في ذلك ، فإنه عجل عندهم من حيث ما هم ناظرون وعارفون حتى لو سألتهم عنه لقالوا : هو عجل ، واللّه تعالى ليس بعجل تعالى عن ذلك علوا كبيرا لعلمه ، أي علم موسى عليه السلام بأن اللّه تعالى قد قضى ، أي حكم وألزم أن لا يعبد ، أي يعبد أحد إلا إياه سبحانه وما حكم اللّه تعالى بشيء وألزم به إلا وقع ، أي ذلك الشيء وقد نزل هذا العلم قرآنا على نبينا صلى اللّه عليه وسلم .

قال تعالى :وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [ الإسراء : 23 ] ،
(فكان عتب موسى أخاه هارون) عليه السلام (لما) ، أي لأجل الذي (وقع الأمر في إنكاره ) من عبادة العجل وعدم اتساعه ، أي هارون عليه السلام له فإن العارف باللّه تعالى هو من يرى ، أي يشهد الحق تعالى ظاهرا في كل شيء محسوس أو معقول أو موهوم بل يراه تعالى عين كل شيء كذلك باعتبار الوجود القيوم لما عداه من الصور الفانية المعدومة بالعدم الأصلي وهو قوله تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[ القصص : 88 ] ،

(فكان موسى) عليه السلام (يربي) ، أي يرشد ويعلم أخاه (هارون) عليه السلام (تربية علم) ، أي ذوق وتحقيق وإن كان ، أي موسى عليه السلام (أصغر منه) ، أي من أخيه هارون عليه السلام (في السن) ، أي العمر ، وإن كان هارون عليه السلام أيضا ليس خاليا من ذلك ، لأن له طور الولاية وهو نبي ، فطوره فوق ذلك الطور ، ولكنه لما عبر عنه إلى طور النبوّة غلب عليه مقتضى شهود الكثرة خصوصا ، وهو رسول إلى بني إسرائيل مع أخيه موسى عليه السلام ، واقتضت مخالطة قومه التكلم بكلامهم والسلوك في أطوارهم ومشاركتهم في مشاربهم العامية ، فكان إرشاد موسى له عليه السلام تذكيرا وتنبيها ، أو حثا على تلك الملاحظة التي أصلها بمقتضى نظره في أمور قومه ،

كما أن موسى عليه السلام ، كان يعلم في ضمن طور نبوته ما كان في طور ولاية الخضر عليه السلام لأن الأنبياء عليهم السلام أولياء قبل كونهم أنبياء ،
ولكن إذا خوطبوا من مقام النبوّة كان عملهم مثل أعمال قومهم لإرسالهم إليهم ، وأما الأنبياء عليهم السلام الذين هم ليسوا بمرسلين كالخضر عليه السلام فإنهم مخاطبون بالعبادة من مقام ولايتهم ، فشرعهم الحقيقة ومن هنا قول الخضر لموسى عليه السلام :إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً( 68 ) [ الكهف : 67 - 68 ] ،

والحضرة التي لم يخاطب منها الكامل لا اعتناء له بها ولا اشتغال لقلبه بمكابدتها وإن كانت عنده في ضمن مقامه ،
ومن هنا قال : من قال خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله ، ومراده المرسلون منهم لعدم خوضهم في بحر الولاية المندرجة في ضمن مقامهم لخطابهم بما خوطب به قومهم من قوم نبواتهم ، فاعلم ذلك فإنه نفس من فتوح لوقت ، وهو محتاج إلى زيادة بيان بما لا يسعه هذا المكان ، وربما يمر في غير موضع من كلامنا فنبسط الكلام فيه ؛

ولذلك ، أي لأجل ما ذكر من التربية المذكورة لما قال له ، أي لموسى هارون عليه السلام ما قال من اعتذاره بخشية التفريق بينهم رجع ، أي موسى عليه السلام إلى السامري فقال له ("فَما خَطْبُكَ") الخطب سبب الأمر نقول ما خطبك ، أي ما سبب أمرك ("يا سامِرِيُّ" يعني فيما صنعت) ، أي في صنعك (من عدولك) عن الحق المطلق إلى صورة العجل الذي هو وجه من وجوه التجلي الإلهي على الاختصاص بالتقييد المخصوص و من صنعك هذا الشّبح ، أي الشخص من حليّ القوم ، أي قوم موسى عليه السلام وهو ما كانوا يتحلون به من الذهب الذي استعاروه من القبط .

وروي أنه تعالى لما أراد غرق فرعون والقبط وبلغ بهم الحال في معلوم اللّه تعالى أنه لا يؤمن منهم أحد ، أمر موسى عليه السلام بني إسرائيل أن يستعيروا حلي القبط ،
وذلك لغرضين :
أحدهما أن يخرجوا خلفهم لأجل المال ،
والثاني أن تبقى أموالهم في أيديهم ،
ثم نزل جبريل عليه السلام بالعشي فقال لموسى : أخرج قومك ليلا حتى أخذت مخاطبا للسامري بقلوبهم ، أي قوم موسى عليه السلام من أجل أموالهم التي جعلها لهم عجلا ، ووضعت فيه القبضة التي قبضها من أثر فرس جبريل عليه السلام فخار ذلك العجل فإن عيسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل : "يا بَنِي إِسْرائِيلَ" وهم أولاد يعقوب عليه السلام قلب كل إنسان حيث ماله ، أي ما يملك من النقود وغيرها فاجعلوا أموالكم في السماء ، أي تصدقوا بها على الفقراء حتى ترفع لكم فتكون في صحائف الملائكة الحفظة عليهم السلام فيصعدون بها إلى السماء التي هي مسكنهم تكن قلوبكم في السماء حيث كانت أموالكم تبعا لها .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  ( فيسألون في ذلك ) أي في عبادة العجل ( فخشي هارون أن ينسب موسى ذلك الفرقان بينهم إليهم ) أي إلى هارون فخاطبه بهذا الكلام لئلا ينسب هذا الفرقان إليه

قال رضي الله عنه :  ( وكان موسى عليه السلام أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ) موسى عليه السلام ( ما ) أي الذي ( عبده أصحاب العجل ) فكانت العبادة في علم موسى عليه السلام للحق الظاهر في صورة العجل لا للعجل ( لعلمه بأن اللّه قد قضى ) أي حكم ( أن لا يعبد ) على صيغة الغائب المبني للمفعول ( إلا إياه وما حكم اللّه بشيء إلا وقع ) فقد حكم اللّه في الأزل أن يعبد له فصورة العجل لذلك وقع هارون لم يعلم بذلك فأنكر عبادة الحق في صورة العجل .

قال رضي الله عنه :  ( فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره ) لعدم علمه بما علم موسى ( وعدم اتساعه فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء ) وقد مر مرارا تحقيق كون الحق عين كل شيء ( فكان موسى يربي هارون تربية علم وإن كان أصغر منه في السن ) فالأنبياء والأولياء العارفون وإن كانوا ينكرون العبادة للأرباب الجزئية لكن إنكارهم ليس لاحتجاجهم عن الحق الظاهر في صورة الأشياء ، بل إنكارهم بحسب اقتضاء نبوتهم وبحسب اقتضاء الظاهر فإنهم يرون الحق بحسب الباطن في كل شيء ونهى العبادة عن الأمة بحسب النبوة في مظهر خاص والمحجوبون وإن أنكروا أيضا لكن إنكارهم لاحتجابهم عن ظهور الحق في صور الأشياء.

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل كون موسى عليه السلام مربيا لهارون ( لما قال له هارون ما قال رجع ) موسى ( إلى السامري فقال له ما خطبك ) أي ما مرادك ( يا سامري يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص وصنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت أنت بقلوبهم من أجل أموالهم ) وإنما أخذت القلوب من أجل الأموال .

( فإن عيسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل قلب كل إنسان ) أي المراد منه قلب كل إنسان لا يختص لبني إسرائيل ( من حيث ماله فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء ) فأشار عيسى عليه السلام إلى أن القلوب حيث كان المال.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه. فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء. فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن. ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم. فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

وذكر أن هارون ما أنكر عبادتهم العجل وإنما خاف التفرقة بين بني إسرائيل 
ونسب موسی عليه السلام، إلى أنه علم الحقيقة في الواقعة إلا أنه ما يثبت حتى أحرق العجل 
وأنه لم يحرقه لعدم معرفته بظهور الربوبية بصورة عجل، فإنه لا ينكر ذلك لكنه تصرف فيه لأنه جسد أو حيوان وكلاهما مسخر للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه .
في قوله تعالى:
"ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165).
الباقي
وكلامه واضح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك ، فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، وكان موسى أعلم بالأمر من هارون ، لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل ، لعلمه بأنّ الله قد قضى ألَّا يعبد إلَّا إيّاه وما حكم الله بشيء إلَّا وقع ، فكان عتب موسى لأخيه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ، فإنّ العارف من يرى الحق في كل شيء  بل يراه عين كلّ شيء وكان موسى يربّي هارون تربية علم ، وإن كان أصغر منه في السنّ ).

قال العبد : يريد التربية الربانية المتعيّنة لهارون في مادّة موسى عليهما السّلام فإنّ التربية لا تكون حقيقة إلَّا من الربّ ، لأنّ نبوّته من رحمة ربانية بموسى ، حتى يكمل بهارون أمره ويشدّ به أزره ،
فكان في تربية هارون وموسى من حيث لا يشعر بذلك إلَّا من شاء الله ، فإنّ جميع أفعال العبيد التي يجري الله على أيديهم صور نسب أحكام حقائقهم ، فيوجدها الله على حكم وعلوم تفرّد بعلمها هو ومن أعلمه بها ،
فوقوع العتب وعدم التثبّت وإلقاء الألواح من موسى وأخذه بلحية هارون ورأسه تأثير قويّ ، غير متوقّع من مثله في مثل أخيه الذي هو أكبر منه سنّا ، إنّما حصل لتنبيهه وتربيته على معرفة أسرار ما وقع من عبادة العجل وهو سرّ عظيم طوي عن الأنبياء من حيث نبوّاتهم ، فيعلمهم من حيث ولايته لهم ، فيعلمون آخرا ، فافهم .

وهاهنا دقيقة أخرى وهي أنّ موسى عليه السّلام كان في مبالغته في عتب أخيه يرى قومه أنّ عبادة غير الله - أو ما يسمّى في زعم أهل الحجاب غيرا وسوى أو تعيّنا جزئيا في شهود أهل الكشف والوجود - جهل أو كفر .

أمّا كونها جهلا فإنّ المعبود ما في الصور من الحق ، فإنّ العبادة لا يستحقّها إلَّا الله الذي هو عين الكلّ ، وله هوية هذه الصور المعبودة في زعم أهل الحجاب .

وأمّا كونها كفرا فلكونها سترا بالتعيّن على الحق المتعيّن ، ففعل ذلك به ربّ موسى من مادّته ، ليتنبّهوا على ما قد كان حذّرهم من قبل حين قالوا له :   ( يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ )   . يعنى حقيقة الأمر ،
إنّ العبادة مطلقة لا تكون إلَّا للربّ المطلق ، كما قال : إنّما إلهكم الله الَّذي خلق السّماوات والأرض ويعلم   "ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ " .
والإله المجعول ليس له الخلق ، فلا يستحقّ عبادة المخلوق إيّاه ، ولا علم له بما تبدون وما تكتمون ، ولعلمه صلَّى الله عليه بجهلهم بمثل هذا توجّه العتب على هارون ،

فإنّه في تربيته قولا وفعلا ، ليعلمه من حيث ولايته ونبوّته مشعرا بذلك حالتئذ ، أو لم يشعرا إلَّا بعد وقوع ما وقع ، وليعلمه بما هو الأمر عليه عند الله كذلك ، فلمّا نبّه هارون الحقيقة المذكورة ، وتحقّق هو بذلك وبما وقع منه ، أعرض عن قومه - بعد ما أراهم وأعلمهم بخطئهم - إلى السامريّ ، فلم يعتبهم ، وذلك أبلغ في الغرض .

قال رضي الله عنه  : ( ولذلك لمّا قال هارون ما قال ، رجع إلى السامري فقال له :
" فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ " [ طه : 95 ] يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على التعيين  ، وصنعك هذا الشبح من حليّ القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم ،
فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل ! قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء »)

قال العبد : اعلم أنّ الأنبياء كلَّهم صور الحقائق الإلهية النورانية والروحانية السلطانيّة ، والفراعنة صور الحقائق والقوى النفسانية الظلمانية الحجابية والهوى ،
ولهذا كانت العداوة والمنافاة والمخالفة دائما واقعة بين الأنبياء والرسل بين الفراعنة ، كما أنّ المخالفة والمنافاة والمحاربة والمباينة والمجانبة واقعة دائما بين العقل والهوى وبين الروح والشيطان ،
وأنّهم - أعني الأنبياء والرسل والخلفاء الإلهيّين - وإن كانوا متشاركين في كونهم جميعا صور الحقائق الروحانية والإلهية الربّانيّة فهم الأرواح الإلهية الإنسانية الكمالية ،
ولكنّ الحقيقة الإنسانية في الروح الإنساني إنّما تعيّنت في كل واحد واحد على صورة حقيقة من حقائق الحقيقة الإنسانية التي هي حقيقة الحقائق ،
بمعنى أنّ سائر حقائق حقيقة الحقائق الإنسانية منصبغة بحكم تلك الحقيقة النسبيّة على التعيين ، وبهذا اختلفوا في الصور والتعيّن والشخص

والعلوم والأذواق والمشاهد والمشارب والتجلَّيات والأخلاق ، وإلَّا فكلَّهم كنفس واحدة من نفس واحدة إلهية على إلّ واحد لربّ واحد ، هو ربّ الأرباب المتعيّنين في حقائقهم من حيث صور تلك النسب وبحسبها ، فظهر الحق - المتعيّن في الصور الإنسانيّة من الحقيقة الإنسانية الكمالية الإلهية المتعيّنة بالتعيّن الأوّل - واحدا أحديّا .

و في هؤلاء الصور الإلهية الإنسانية الكمالية كثيرا متعدّدا متنوّع التجلَّي والظهور ، فكلَّهم صور الحق ، والحق الإنساني الكمالي الذاتي هو المتعيّن الظاهر في هذه الصور كلَّها ، ولكنّ الصور للنسب والأحكام  والأحوال العينية الغيبيّة الإنسانية ، فينسب التحقيق كلَّا منهم إلى الصورة الظاهرة الإلهيّة به ، فآدم صورة ظاهريّة الإلهية الأحدية الجمعية الإنسانية ، البشرية ، وشيث صورة الوهب والفيض النوري الوهبي العلمي .

وإدريس صورة التقديس العقلي والطهارة ، والروحية الإنسانية الكماليّة وتعرف الصور بحسب الحال والحكم والخلق والفعل والصفة والنعت والعلم والحكمة الغالبة على ذلك النبيّ أو الخليفة والوليّ ، فهذا امتياز الصور بعضها عن بعض وتعيّناتهم عند استقرارهم في مراتبهم البرزخيّة وصورهم الحشرية والجنانيّة وغيرها . وبهذا يتمايزون ويتظاهرون ويتعدّدون ، فاعرفه .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  (فيسألونه في ذلك ، فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، وكان موسى أعلم بالأمر من هارون ، لأنه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأن الله قد قضى أن لا يعبد إلا إياه ، وما حكم الله بشيء إلا وقع فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه ، فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء فكان موسى يربى هارون تربية علم وإن كان أصغر منه في السن )
أي يربيه تربية ربانية متعينة لهارون في مادة موسى ، لأن التربية لا تكون حقيقة إلا من الرب ، فكما كان يربى موسى في مادة هارون بأن جعله من رحمته له نبيا يكمل نبوته وشد به أزره كان يربى هارون في مادة موسى ،
فإنه عتب عليه وأخذ بلحيته ورأسه ليتنبه على أسرار ما وقع من عبادة العجل فيطلع على ما يقرر موسى بعلمه في سر ذلك ،
وكان الله في تربية موسى وهارون من حيث لا يشعر بذلك إلا من شاء الله ، فإن جميع الأفعال التي يجرى الله على أيدي عباده صور أحكام حقائقهم وحكمة لا يعلمها إلا الله ومن أطلعه عليها ، فوقوع العتب وعدم التثبت وإلقاء الألواح من يد موسى وأخذه بلحية هارون أمر قوى غير متوقع من مثله في مثل أخيه
الذي هو أكبر سنا إنما كان لتنبيهه على ما ذكر من السر وتربيته من حيث لا يشعران بذلك الأمر فإنهما من المعصومين الذين لا يجرى الله على أيديهم إلا ما هو الحكمة والطاعة ، ويزيد به العلم والمعرفة ، وهذا بالنسبة إلى أخيه ،
"" أضاف بالى زاده :
فالأنبياء والأولياء العارفون وإن كانوا ينكرون العبادة للأرباب الجزئية لكن إنكارهم ليس لاحتجابهم عن الحق الظاهر في صور الأشياء ، بل إنكارهم بحسب اقتضاء نبوتهم وبحسب اقتضاء الظاهر فإنهم يرون بحسب الباطن في كل شيء ، ونهى العبادة عن الأمة بحسب النبوة في مظهر خاص ، والمحجوبون وإن أنكروا أيضا لكن إنكارهم لاحتجابهم عن ظهور الحق في الأشياء أهـ بالى زاده ""

وأما بالنسبة إلى قومه فهو أن موسى عليه السلام كان في مبالغته في عتب أخيه يرى قومه أن عبادة ما يسمى غيرا وسوى عند أهل الحجاب ، وتعيينا جزئيا في شهود أهل الكشف جهل وكفر
أما كونه جهلا فلأن المعبود ليس محصورا في صورة ، بل هو ما في الصور كلها من الحق ، لأن العبادة لا يستحقها إلا الله الذي هو عين الكل وله هوية جميع الصور ، وأما كونه كفرا فلكونه سرا يتعين على الحق المتعين ،
ففعل ذلك رب موسى في مادته ليتنبهوا على ما قد كان حذرهم من قبل

حين قالوا له : " يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ".
 يعنى أن حقيقته يقتضي أن العبادة مطلقا لا تكون إلا للرب المطلق ،
كما قال تعالى : " ذلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لا إِله إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوه ".
 وقال : " وهُوَ الله في السَّماواتِ وفي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وجَهْرَكُمْ " . والإله المجعول ليس له الخلق فلا يستحق عبادة المخلوق إياه ، ولا علم له بما يسرون وما يعلنون ،
وبعلمه عليه السلام بجهلهم أقبل والتفت بالعتب على هارون ، فإنه كان في تربيته قولا وفعلا ليعلم من حيث ولايته ونبوته بما هو الأمر عليه علما بذلك في تلك الحالة إذ لم يعلما إلا بعد وقوع ما وقع ،
فلما نبه هارون بالحقيقة المذكورة وتحقق هو بما وقع منه ظاهرا وباطنا أعرض عن قومه بعد ما أراهم وأعلمهم بخطئهم إلى السامري فلم يعاتبهم ليتعظوا ، وذلك أبلغ في الغرض .

"" أضاف بالى زاده :
فعلم هارون ما أشار إليه موسى من كلامه إلى السامري ، وعلم أن غضبه وأخذ لحيته لا لأجل عبادة العجل بل لأجل تعليمه بأن الحق لا يعبد في صورة العجل ، وإنما تصرف موسى في صورة العجل بالحرق والنسف ، فإن حيوانية الإنسان إلخ .أهـ بالى زاده ""

ولذلك لما قال هارون ما قال رجع إلى السامري فقال له :" فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ " يعنى فما
( صنعت من عدولك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشبح من حلى القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم ، فإن عيسى يقول لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء)

اعلم أن الأنبياء كلهم صور الحقائق الإلهية النورانية الروحانية ، والفراعنة صور الحقائق النفسانية الظلمانية ، ولهذا كانت العداوة والمخالفة بين الرسل والفراعنة لازمة ، كما بين العقل والهوى وبين الروح والشيطان ،
لكنهم مختلفون في التعينات الإنسانية لاختلاف الأسماء الإلهية فيهم ، وذلك لاختلاف القوابل بحسب الأمزجة والاعتدالات الإنسانية ، ولهذا اختلفت صورهم في الأشكال والهيئات والتعينات الشخصية ، ونفوسهم في الأخلاق والعوائد والأذواق ،

وأرواحهم في العلوم والمشاهدات والمشارب والتجليات ، مع اتحادهم في الوجهة والمعارف الحقانية والتوحيد وأصول الدين القيم ،
فإنهم في ذلك كنفس واحدة على آل واحد لرب واحد هو رب الأرباب ، فالحق الواحد يتجلى لكل منهم على صورة الاسم الغالب عليهم ،
ولهذا كان الغالب على موسى أحكام القهر وشهود التجلي النوري له في صورة النار ، وكانت علومه فرقانية ، والغالب على نبينا صلى الله عليه وسلم أحكام المحبة وشهود التجلي في صورة
النور ، وكانت علومه قرآنية .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك ، فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه . فكان موسى أعلم بالأمر من هارون ، لأنه علم ما عبده أصحاب العجل . ) أي ، علم موسى ما الذي عبده أصحاب العجل في الحقيقة .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لعلمه بأن الله قضى ألا يعبد إلا إياه . ) كما قال : ( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه ) .
( وما حكم الله بشئ إلا وقع . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه ) أي ، كان عتب موسى أخاه هارون لأجل إنكاره عبادة العجل ، وعدم اتساع قلبه لذلك.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن العارف من يرى الحق في كل شئ بل يراه عين كل شئ . فكان موسى يربي هارون تربية علم . ) واعلم ، أن هذا الكلام وإن كان حقا من حيث الولاية والباطن ، لكن لا يصح من حيث النبوة والظاهر .

فإن النبي يجب عليه إنكار العبادة لأرباب الجزئية ، كما يجب عليه إرشاد الأمة إلى الحق لمطلق ، لذلك أنكر جميع الأنبياء عبادة الأصنام وإن كانت مظاهر للهوية الإلهية . فإنكار هارون عبادة العجل من حيث كونه نبيا حق ، إلا أن تكون محمولا على أن موسى ، عليه السلام ، علم الكشف أنه ذهل عن شهود الحق الظاهر في صورة العجل ، فأراد أن ينبهه على ذلك . وهو عين التربية والإرشاد منه .
وإنكاره ، عليه السلام ، على السامري وعجله على بصيرة . فإن إنكار الأنبياء والأولياء لعبادة الأصنام التي هي المظاهر ليس كإنكار المحجوبين ، فإنهم يرون الحق مع كل شئ ، بخلاف
غيرهم ، بل ذلك لتخليصهم عن التقيد بصورة خاصة ومجلى معين ، إذ فيه إنكار باقي المجالي وهو عين الضلال .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كان أصغر منه في السن . ولذلك ) أي ، ولأجل أنه كان مربيا لهارون ، عليه السلام .
( لما قال له هارون ما قال ، رجع إلى السامري فقال له : " فما خطبك يا سامري ؟ " ) أي ، ما شأنك وما مرادك ؟ أي لذلك رجع موسى إلى السامري .

فقوله : ( لما قال له هارون ما قال ) جملة اعتراضية ( يعنى فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشيخ من حلي القوم ) وتركك الإله المطلق الذي هو إله العالمين ( حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم ، فإن عيسى يقول لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل ، قلب كل إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السماء ، تكن قلوبكم في السماء . ).

والأموال السماوية هي العلوم والمعارف والأعمال الصالحة الكاسبة للتجليات الإلهية والسعادات الأبدية .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك ، فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، فكان موسى أعلم من هارون ؛ لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأنّ اللّه قد قضى ألا يعبد إلّا إيّاه ، وما حكم اللّه بشيء إلّا وقع ، فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ، فإنّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شيء ، بل يراه عين كلّ شيء ؛ فكان موسى يربّي هارون تربية علم ، وإن كان أصغر منه في السّنّ ) .

( قال هارون لموسى - عليهما السلام : ) معتذرا عما غضب عليه من تركه التشديد في الإنكار خوفا من الأضرار عن العناد الناشئ من التشديد ( أني خشيت ) في التشديد ( أن تقول : فرقت ) أي : أدمت التفريق ( بين بني إسرائيل ) مع وقوعه من غيري ؛ لأن الدوام أشد من الابتداء إذا زال سريعا ، ( فتجعلني سبب ) ابتداء وانتهاء ( في تفريقهم ) ، بل يجعل التفريق من غيري كاللاتفريق ، ( فإن عبادة العجل فرقت بينهم ) تفريقا غير تام في البعض مطلقا ، وإن تم في الآخرين من وجه ،

قال رضي الله عنه :  ( فكان منهم من عبده اتباعا للسامري ) مع أن الواجب اتباع هارون لنبوته وخلافته ،
 ( وتقليدا له ) ، مع أن الواجب عليهم النظر الموجب متابعة الأنبياء لكمال إدراكهم للحقائق ، فهؤلاء وإن لم يتم التفريق فيهم ؛ لكنه لكونه تقليديّا ضعيف جدّا ، لكنه يتقوى عن المعتاد الحاصل عن التشديد في الإنكار عليهم .
قال رضي الله عنه :  ( ومنهم من توقف عن عبادته ) وهو وإن كان كفرا ، فهو دون عبادته كيف وكان توقفهم ( حتى يرجع إليهم موسى فيسألونه في ذلك ) ، فهم مؤمنون بقول موسى ، وإن كفروا بقول هارون ، ( فخشي هارون ) أنه لو شدد عليهم الإنكار في التوقف تركوا التوقف ورجعوا إلى عبادته ، فخشي ( أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ) بإتمامه من كل وجه في البعض ومن وجه في البعض ، بل ربما كان يتم من كل وجه في الكل ، فيبطل حق اللّه تعالى في عبادته وحده ، فأشار موسى عليه السّلام بأن عبادة العجل ليست فرقانا في حق اللّه تعالى بل في حق العبادة باعتقادهم إلهية العجل أو استحقاقه للعبادة ، وهو في معنى الإلهية .

قال رضي الله عنه :  ( فكان موسى أعلم بالأمر من هارون ؛ لأنه علم ما عبده ) في الواقع ( أصحاب العجل ) ، فإنهم عبدوا الحق باعتبار ظهوره في مظهر العجل لا على اعتقاد مظهريته ، بل على اعتقاد إلهيته فأخذوا بما قصدوا ، ولو عبدوه على اعتقاد مظهريته كان أيضا خطأ ، فإن المظهر والصورة الظاهرة فيه من جملة العالم الذي حقه أن يكون عابدا لا معبودا مع أن مظهريتهم أكمل من مظهريته ؛ لأنه لا يرجع إليهم قولا ، ولا يملك لهم نفعا ولا ضرّا ، وإنما علم موسى ذلك ؛ ( لعلمه بأن اللّه قد قضى ) أي : حكم ("أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ " [ الإسراء : 23]).
إما باعتبار ذاته أو أسمائه وهي عبادة المؤمنين ، أو باعتبار ظهوره في المظاهر الخلقية ؛ وذلك لأنه ( ما حكم اللّه بشيء إلا وقع ) وقد وقعت عبادة بعض المظاهر ، فعبادتها راجعة إلى عبادته في الواقع ، وإن لم تفد أصحابها بل أضرت بهم من كل وجه ، إذا وجبت لهم حجبا كثيفة عن اعتقاد كمال ظهوره فيها فهو عين النقص في حقه .

قال رضي الله عنه :  ( فكان عتب موسى أخاه ) في ترك التشديد عليهم ( لما وقع الأمر ) ، أي : أمر الفرقان ( في إنكاره ) اللين ؛ لأنه إنما كان الإنكار لرؤيته الفرقان في نفس الأمر يبطل به عبادة اللّه من كل وجه لو دام وتم مطلقا بتشديده الإنكار ، وذلك عن ( عدم اتساعه ) في معرفة الحق حتى يعرف ظهوره في كل شيء ،
( فإن العارف من يرى الحق ) : أي ظاهرا ( في كل شيء ، بل يراه ) باعتبار ظهوره ( عين كل شيء ) ، فإن صورته متحدة بالأشياء ، إذ لا وجود للأشياء سوى صورته الوجودية ، فتبقي عبادته من ذلك الوجه فلا فرقان في حقه ، ولكن لا تبقى في حق عبدة العجل ، فيجب تشديد الإنكار عليهم ،

قال رضي الله عنه :  ( فكان موسى يربي هارون تربية علم ) بأن عبادة اللّه لا تضيع بعدم قصدهم إياها ، وإنما تضيع عنهم فائدتها ، وذلك لكبره في النبوة ، ( وإن كان أصغر منه في السن ) ، فكبر سنه رباه تربية الرحمة ، وكبر نبوة موسى رباه تربية المعرفة ؛ فافهم فإنه مزلة للقدم .

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك لمّا قال له هارون ما قال ، رجع إلى السّامريّ فقال له :قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ[ طه : 95 ] ؟ يعني فيما صنعت من عدولك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشّبح من حليّ القوم حتّى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم ، فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السّماء تكن قلوبكم في السّماء » ).

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولكون موسى عليه السّلام مربيا بالعلم تبين أن ظهور الإله في شيء لا يجعله إلها ، فاعتقاد إلهية تفرقه ( لما قال له هارون ) ما دلّ عن رؤية الفرقان في اعتقاد عبدة العجل وصانعه وهو السامري ، وإن زعم أنه لا يفرقه في ذلك ؛ لكون العجل محل الأمر ( رجع إلى السامري ) يعاتبه في تخصيص هذا المظهر القاصر سيما من جهة جماديته باستحقاق العبادة في المظاهر التي أصلها أن يكون أكمل منه ،
( فقال له :فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ، يعني : فيما صنعت من عدولك ) عن عبادة الحق باعتبار ذاته وأسمائه التي لا تغايره ( إلى صورة العجل على الاختصاص ) ، مع أن الكل مظاهر الحق ، فلا يستحق البعض من البعض العبادة ، بل حق المظهر أن يكون عابدا لا معبودا

وفي ) صنعك هذا الشبح ) ، مع أن ظهور الإله في مصنوعات الخلق أقصر منه في مصنوعاته ، لكن خيل لهم كمال ظهوره فيه ، إذ جعله ( من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم ) فتوهمت فيه الكمال لحبها إياه ، إذ عين المودة عن كل غيب كليلة ، مع أنه ليس لكمال ظهور الحق فيه ، بل ( من أجل أموالهم ) الموجبة سيل قلوبهم إليها ،

بدليل قول عيسى عليه السّلام :-
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السّماء ) بأن تجعلوها للّه ، وتعطوها للفقراء ، ( تكن قلوبكم في السماء ) عند ربكم ، وأيضا علم ذلك من اشتقاقه ، فإنه...

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه  : ( فيسألونه في ذلك ) .تفريق أمم كلّ زمان عند تصوير سامر الخيال لهم عجل العاجل من التجوّهات والتموّلات ، فإنّه قد استحصل من حليّ القوم ، ( فخشي هارون ) الذي هويّته النور ، الذي هو ظاهر الوجود والرحمة ( أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ) نفسه ، لا إلى الرحمة التي هي أصل جبلَّته .

"" أضاف المحقق :
قال القيصري: « واعلم أن هذا الكلام وإن كان حقا من حيث الولاية والباطن ، لكن لا يصح من حيث النبوة والظاهر ؛ فإن النبي يجب عليه إنكار العبادة للأرباب الجزئية ، كما يجب عليه إرشاد الأمة إلى الحق المطلق ، لذلك أنكر جميع الأنبياء عبادة الأصنام وإن كانت مظاهر للهوية الإلهية ، فإنكار هارون عبادة العجل من حيث كونه نبيا حق ، إلا أن تكون محمولا على أن موسي عليه السلام علم بالكشف أنه ذهل عن شهوده الحق الظاهر في صورة العجل ، فأراد أن ينبهه على ذلك وهو عين التربية والإرشاد منه ". أهـ ""

قال رضي الله عنه  : ( وكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل ) وأنّ التفرقة التي نشأت من عبادته لا يقدح في الجمعيّة الإلهيّة ( لعلمه بأنّ الله قد قضى أن لا يعبد إلا إيّاه ، وما حكم الله بشيء إلَّا وقع فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ) ، لضيق مشربه عن أن يقبل تلك التفرقة الكونيّة عين الجمعيّة الوجوديّة الإلهيّة وعدم ظرافته لها .

العارف يرى الحقّ في كلّ شيء
وهذا مما لا بدّ للعارف منه ( فإنّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شيء ) وذلك لمن لا يتميّز في ذوقه ظاهر الوجود عن مظهره ، تميّز الظل عن النور ، قائلا بالمتقابلين وإذ كان موسى قد خلع نعلي المتقابلين عند طيّه طوى التوحيد ، لا تميّز عنده أصلا ، كما قال صاحب هذا المقام فيه :
لا ترم في شمسها ظلّ السوي  ....   فهي شمس وهي ظل وهي فيء
وإليه أشار بقوله : ( بل يراه عين كل شيء ) .

موسى وهارون
قال رضي الله عنه  : ( وكان موسى ) عند إهانته وتشدّده مما يوهم غلبة الغضب النفساني ( يربّي هارون تربية علم ) لا مرتبة ومنصب ، فإنّ موسى لغلبة أحكام الباطن على كلمته أعلم من هارون لغلبة حكم الظاهر عليه .
أمّا الأول فيعلم من التلويح العقدي .
وأما الثاني فلما عرفت ما في اسم هارون من الدلالة على الظاهر فلموسى أن يربّي هارون تربية علم ( وإن كان أصغر منه سنّا ، ولذلك لما قال له هارون ما قال ) من خشيته أن ينسب التفرقة إليه معتذرا به - قبل منه .

موسى والسامري
قال رضي الله عنه  : و ( رجع إلى السامري فقال له : " فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ " )  والخطب لغة هو الأمر العظيم ، الذي يكثر فيه التخاطب وفيه لطيفة منبّهة على ما يستتبع فعله من الخبط - ( يعني فيما صنعت من عدو لك ) عن معنى أحديّة الجمع بعمومه ( إلى صورة العجل على الاختصاص وصنعك هذا الشبح ) المبهج للناظر في صورة عجل العاجل من الأحوال ( من حليّ القوم ) ومزيّنات ظواهرهم وحاليّاتهم المتحوّلة السريعة الزوال ، ( حتى أخذت بقلوبهم ) .

عبادة المال
فإنّ البواطن لها ارتباط وثيق واتّصال قريب بالظاهر ولذلك ترى قلوب بني إسرائيل قد انجذبت إلى هذا العجل ، ( من أجل أموالهم ) التي يميل إليها قلوبهم بقوّة ذلك الارتباط ( فإن عيسى يقول لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل قلب كل انسان حيث ماله ) - مما يميل إليه بحسب نسبته ، سواء كان من ظاهر الأمور ، كالمال العرفي وما يستحصل به ، أو باطنه كالعلوم والأحوال القلبيّة ومقاماتها - ( فاجعلوا أموالكم في السماء ) وطرف العلو ، كالعلوم الحقيقيّة والأحوال القلبيّة ، ( تكن قلوبكم في السماء ) .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك.  فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك . فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، فكان موسى أعلم من هارون لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأنّ اللّه قد قضى أن لا يعبد إلّا إيّاه : وما حكم اللّه بشيء ).

قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك . فخشي هارون أن ينسب الفرقان بينهم إليه فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل ) في الحقيقة ( لعلمه بأن اللّه قد قضى ) وقدر ( ألا يعبد إلا إياه ) .
قال تعالى : وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [ الإسراء : 23 ] ، فإن هذا القضاء ليس مقصورا على الحكم التكليفي الإيجابي كما قصره عليه أهل الظاهر حتى يقال هذا لا يقتضي وقوع المقضي بل يعم الحكم التقديري أيضا ،
فإن مذهبهم أن جميع محتملات الكلمات القرآنية مراد اللّه إن لم يمنع مانع شرعي أو عقلي عن إرادته ، وخصوصا إذا كان مؤيدا بكشوفهم وأذواقهم ( وما حكم اللّه بشيء)

قال رضي الله عنه :  ( إلّا وقع . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ، فإنّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شيء ، بل يراه عين كلّ شيء . فكان موسى يربّي هارون تربية علم وإن كان أصغر منه في السّنّ . ولذلك لمّا قال له هارون ما قال ، رجع إلى السّامريّ فقال له : فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ [ طه : 95 ] ؟ يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشّبح من حليّ القوم حتّى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم . فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السّماء تكن قلوبكم في السّماء » ).

قال رضي الله عنه :  ( إلا وقع . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر ) ، أي أمر مبالغة ( في إنكاره ) ، على عبادة العجل في الظاهر ( وعدم اتساعه ) لها في الباطن ( فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء ) ،
فلا ينكر في باطنه على شيء فإن ظهر منه إنكار بحسب الظاهر يكون بموجب الأمر لا بسبب احتجابه عن الحق فيه ( فكان موسى يربي هارون تربية علم ، وإن كان أصغر منه في السن . ولذلك ) ، أي لكونه عليه السلام كان مربيا لهارون

قال رضي الله عنه :  ( لما قال له هارون ما قال ) أعرض عن هارون بسهولة ( رجع إلى السامري فقال لهفَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ) [ طه : 95 ] والخطب لغة : هو الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب ، وهو من تقاليب الخبط ففيه إشارة إلى عظم خبطه
قال رضي الله عنه :  ( يعني فيما صنعت من عدولك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشبح من حلى القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم . فإن عيسى يقول لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله فاجعلوا أموالكم في السماء ) ، أي تصدقوا بها وقدموها إلى الآخرة التي هي أبقى لكم وأعلا

.
واتساب

No comments:

Post a Comment