Sunday, March 22, 2020

25 – شرح نقش فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

25 – شرح نقش فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

25 – شرح نقش فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي
إنّما خصّت الحكمة العلوية بالكلمة الموسوية لعلوّ مرتبة موسى عليه السلام و رجحانه على كثير من الرسل بأمور أربعة:
أحدها أخذه عن الله بدون وساطة ملك و غيره.
الثاني كتابة الحق له التورية بيده..
الثالث قرب نسبته من مقام الجمعية التي خصّ بها نبيّنا صلّى الله عليه وسلم، المشار إليه بقوله تعالى، «وَ كَتَبْنا لَهُ في الْأَلْواحِ من كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ» وباعتناء الحق به: لمّا وفّر حظّه من عطايا اسمه «الظاهر»، أراد أن يريه طرفا من أحكام الاسم "الباطن" ليجمع بين الطرفين فجمع بينه وبين الخضر عليهما السلام، وأراه أنموذجا من أحكام الإرادة.
فعلم الفرق بينها و بين الأمر.
الرابع إخبار نبيّنا صلّى الله عليه و سلم في حديث القيامة حال عرض الأمم عليه صلّى الله عليه وسلم أنّه لم ير أمّة نبى من الأنبياء أكثر من أمّة موسى عليه السلام و قوله أيضا صلّى الله عليه وسلم، "لا تفضّلونى على موسى: فانّ الناس يصعقون.  فأكون أوّل من يفيق، فأجد موسى باطشا بقائمة العرش. فلا أدرى أجوزي بصعقة الطور أو كان ممّن استثنى الله تعالى".

اعلم أنّه لمّا أراد الله سبحانه إظهار آياته الكاملة في الكلمة الموسوية، وسرى حكم هذه الإرادة في الأسباب العلوية والسفلية من الأوضاع الفلكية والحركات السماوية المعدّة لموادّ العالم والامتزاجات العنصرية والاستعدادات القابلة المهيّأة لظهور ذلك، وقرب زمان ظهوره، تعيّنت أمزجة كثيرة بحسب حقائق ما في الروح الموسوي قبل تعيّن مزاجه الكامل النبوي، فتعلّقت بها أرواح جزئية.
وكان حكماء الزمان أخبروا

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( سرت إليه حياة كل من قتله فرعون من أجله. ففراره لمّا خاف إنما كان لإبقاء حياة المقتولين. فكأنه في حق الغير.
فأعطاه الله الرسالة والكلام والإمامة التي هي الحكم كلمة الله في غير حاجته لاستفراغ همه فيها. فعلمنا أن الجمعية )
..................................................
فرعون أنّ هلاكه وهلاك ملكه يكون على يدي مولود يولد في ذلك الزمان.
فأمر فرعون بقتل كلّ من يولد من أبناء بنى إسرائيل حذرا ممّا قضى الله وقدّر. ولم يعلم أنّ لا مردّ لقضائه ولا معقّب لحكمه.
فكان ذلك سببا لاجتماع تلك الأرواح في عالمها وانضمامها إلى روح موسى وعدم تفرّقها وانبثاثها عنه بالتعلّق البدني والانغمار في عالم الطبيعة.
فتقوّى بهم، واجتمعت فيه خواصّهم، واعتضد بقواهم.
وكان كل ذلك اختصاصا من الله لموسى وتأييدا بإمداده بتلك الأرواح، كامداده بالأرواح السماوية.
فلمّا تعلّق الروح الموسوي ببدنه، تعاضدت تلك الأرواح كالأرواح السماوية في إمداده بالقوّة والنصرة، وسرت إليه حياتهم.
وإلى ذلك أشار الشيخ رضى الله عنه بقوله، (سرت اليه)، أي إلى موسى عليه السلام، (حياة كل من قتله فرعون) وقومه من أبناء بنى إسرائيل (من أجله)، أي من أجل موسى، يعنى لارادة قتله، فانّهم ما قتلوا أحدا من هؤلاء الأبناء إلّا على توهّم أنّه موسى، أو المراد أنّهم قتلوا كل واحد منهم من أجل موسى ليتأيّد بروحانيتهم، ويسرى إليه حياتهم.
فكان قتلهم في الحقيقة لأجله عليه السلام، وإن لم يكون لفرعون وقومه شعور بذلك. ‏

و لمّا كانت حياتهم سارية إليه، (ففراره)، أي فرار موسى عليه السلام من فرعون و قومه، (لما خاف) منهم أن يقتلوه، (انما كان لإبقاء حياة المقتولين) في ضمن حياته، لا لإبقاء حياته فحسب. فكأنه فر شفقة و رحمة في حق الغير، الذي هو هؤلاء الأبناء المقتولون.
(فأعطاه الله) سبحانه بواسطة تلك الرحمة و الشفقة (الرسالة)، التي هي خصوص مرتبة في النبوّة، (و) كذلك أعطاه (الكلام) بغير واسطة (و الامامة، التي هي) خصوص مرتبة في الرسالة و لقب من ألقاب الخلافة، التي هي (الحكم)، أي التحكّم و التصرّف في العالم.
ثمّ إنّه لمّا أعطى موسى عليه السلام الكلام، (كلمه الله تعالى) بالتجلّى الصوري المثالي في (عين حاجته)، أي في صورة عين ما مسّت إليه حاجته، يعنى النار، (لاستفراغ همه)، أي بذل همّته بالكلية، (فيها)، أي في تحصيل حاجته، التي هي النار.
فتجلّى له الحق سبحانه في صورتها ليقبل على الحق المتجلّى الظاهر على صورة مطلوبة ولا يعرض عنه إذ لو تجلّى له في صورة غير الصورة النارية، لكان يعرض عنه ويقبل على مطلوبه لاجتماع همّته عليه.
ولو أعرض، لعاد حكم عمل إعراضه عليه، فكان يعرض عنه الحق أيضا مجازاة له.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مؤثرة وهو الفعل بالهمة.
ولمّا علم من علم مثل هذا ضل عن طريق هداه حين اهتدى غيره به.
فأقامه مقام القرآن في المثل المضروب:
" يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ " [البقرة: 26] وهم الخارجون عن طريق الهدى الذي فيه. )
....................................................................
(فعلمنا) من تجلّى الحق سبحانه له في الصورة النارية لاجتماع همّته عليها (أن الجمعية مؤثرة. و هو)، أي الجمعية وتذكير الضمير باعتبار الخبر (الفعل) والتأثير بالهمة، التي هي القصد والتوجّه بجميع القوى.

(و لما علم) كون الجمعية مؤثّرة (من علم مثل هذا) من المؤمنين المطيعين و من غيرهم، (ضل) بعضهم عن طريق هداه لصرفه جمعية همّته في أمر غير مرضى، (حين اهتدى غيره)، أي غير ذلك البعض، به، أي بالفعل بالهمّة و الجمعية حيث يصرفه في أمر مرضى.
(فأقامه)، أي أقام الله سبحانه الفعل بالهمّة و الجمعية، (مقام القرآن) الذي له جمعية جميع ما في الكتب السماوية (في المثل المضروب)، الذي ضربه في حقّه.
(فقال تعالى، «يُضِلُّ به كَثِيراً وَيَهْدِي به كَثِيراً وَما يُضِلُّ به إِلَّا الْفاسِقِينَ». [البقرة:26]
وهم) أي "الفاسقون" هم، (الخارجون)، فانّ «الفسق» لغة هو الخروج عن القصد، أي وسط الطريق، وفي العرف الشرعي عبارة عن الخروج عن طريق الهداية.
فالفاسقون هم الخارجون (عن طريق الهدى، الذي هو)، أي ذلك الطريق، (فيه)، أي في القرآن، فكما أنّ القرآن يضلّ الله به كثيرا و يهدى به كثيرا، فكذلك الجمعية و الفعل بالهمّة يضلّ به كثيرا و يهدى به كثيرا، كما عرفت.
فهو قائم مقام القرآن في ذلك الوصف. و كان الشيخ رضى الله عنه أشار بهذا إلى بطن من بطون هذه الآية المنزلة في شأن القرآن، فانّ «القرآن» لغة هو الجمع. فافهم.
.
واتساب

No comments:

Post a Comment