Wednesday, March 11, 2020

24 – شرح نقش فص حكمة امامية في كلمة هارونية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

24 – شرح نقش فص حكمة امامية في كلمة هارونية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

24 – شرح نقش فص حكمة امامية في كلمة هارونية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي
هارون لموسى بمنزلة نواب محمدٍ صلى الله عليه وسلم بعد انفصاله إلى ربه فلينظر الوارث من ورث وفيما استنيب.
فتعينه صحة ميراثه ليقوم فيه مقام رب المال.
فمن كان على أخلاقه في تصرفه كان كأنه هو.

اعلم أنّ الامامة المذكورة في هذا الموضع اسم من أسماء الخلافة.
و هي تنقسم إلى إمامة لا واسطة بينها و بين حضرة الألوهية و إلى إمامة ثابتة بالواسطة.
و التعبير عن الامامة الخالية عن الواسطة مثل قوله تعالى للخليل عليه السلام، «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً» [البقرة : 124]، و التي بالواسطة مثل استخلاف موسى هارون عليهما السلام على قومه حين قال له، "اخْلُفْنِي في قَوْمِي". [الأعراف : 142]

إذا عرفت هذا، فنقول، كل رسول بعث بالسيف، فهو خليفة من خلفاء الحق و إنّه من أولى العزم.
ولا خلاف في أنّ موسى و هارون عليهما السلام بعثا بالسيف. فهما من خلفاء الحق الجامعين بين الرسالة و الخلافة.

فهارون له الامامة التي لا واسطة بينه و بين الحق فيها، و له الامامة بالواسطة من جهة استخلاف أخيه إيّاه على قومه.
فجمع بين قسمى الامامة، فقويت نسبته إليها. فلذلك أضيفت حكمته إليها دون غيرها من الصفات. فاعلم ذلك.
(هارون لموسى) عليهما السلام حين استخلفه على قومه و ذهب لميقات ربّه (بمنزلة نواب محمد) لمحمّد (صلّى الله عليه و سلم بعد انفصاله) عن هذه النشأة العنصرية ذاهبا الى ربه. فكما أنّ نوّاب محمّد صلّى الله عليه و سلم من الكمّل و الأقطاب ورثته و خلفاؤه في أمّته، يتصرّفون فيهم كتصرّفه صلّى الله عليه و سلم، فكذلك كان هارون وارثا لموسى عليهما السلام و خليفة عنه في قومه و متصرّفا فيهم مثل تصرّفه.

(فلينظر) الولى (الوارث) الذي يرث من قبله من الأنبياء (من يرث منهم)، فانّ الوارث إمّا محمّدى أو غير محمّدى، و الغير المحمّدى إمّا وارث لموسى أو عيسى أو إبراهيم أو غيرهم من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.
و لينظر الوارث أيضا (فيما استنيب)، أو في العلم دون الحال و المقام، أو في العلم و الحال دون المقام كذي مقام ينصبغ بحال ذى حال ، إمّا بتأثيره الروحاني أو بكلامه و إرشاده فيسرى العلم و الحال.
فإذا سرّى عنه، انصبغ بحال مقام هو فيه.  (فتعينه)، أي الولى الوارث، (صحة ميراثه) و قوّة وراثته للنبي المورّث (ليقوم فيه)، أي فيما استنيب، (مقام) ذلك النبي الذي هو بمنزلة (رب المال) .

فيأخذ العلم مثلا من المأخذ الذي أخذ النبي المورّث أيضا منه، فانّ علوم الأنبياء كانت إلهية وهبية و كشفية بالتجلّى، لا بالكسب و التعمّل.
فوجب أن تكون الوراثة الحقيقية كذلك وهبية، لا نقلية و لا عقلية.  
فيرث الولى الوارث العلم من المعدن الذي أخذه النبي و الرسول عنه ، فليس العلم ما يتناقله الرواة بأسانيدهم الطويلة،
فانّ ذلك منقول يتضمّن علوما لا يصل إلى حقيقتها و فحواها إلّا أهل الكشف و الشهود.
و النبي الرسول إنّما أخذ العلم عن الله، لا عن المنقول.
فالورث الحقيقي إنّما هو في الأخذ عن الله، لا عن المنقول.
قال سلطان العارفين أبو يزيد البسطامي رضى الله عنه لبعض علماء الرسوم و نقلة الأحكام و الآثار و الأخبار: «أخذتم علمكم ميتا عن ميت، و أخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت». و كذا الحال في الأحوال و المقامات. فمن لم يأخذها عن الله كما أخذ الأوّلون عنه تعالى، بل حفظ كلماتهم و مقالاتهم و روى عنهم، فليس وارثا على الحقيقة، بل بالمجاز.

(فمن كان) من الأولياء الوارثين (على أخلاقه)، أي على أخلاق النبي المورّث و صفاته، (في تصرفه) فيما يرثه بإعطائه غيره أو في الخلق بالإرشاد و التكميل، كان ذلك الولى الوارث (كأنه هو) ذلك النبي المورّث بعينه، كما قال عليه السلام، "علماء أمّتى كأنبياء بنى إسرائيل".
 " فائدة: سئل الحافظ العراقي عما اشتهر على الألسنة من حديث علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل
فقال: لا أصل له ولا إسناد بهذا اللفظ ويغني عنه العلماء ورثة الأنبياء وهو حديث صحيح . فتح القدير للمناوي وقاله ابن حجر العسقلاني".
""أضاف الجامع :
قال الشيخ فى الفتوحات  الباب الثاني والثلاثون  :
"والعلماء ورثة الأنبياء أحوالهم الكتمان لو قطعوا إربا إربا ما عرف ما عندهم ، لهذا قال الخضر ما فعلته عن أمري فالكتمان من أصولهم إلا أن يؤمروا بالإفشاء والإعلان" أهـ.  ""
اعلم أنّ الأولياء الوارثين يأخذون العلوم و الأحوال و المقامات عن أرواح الأنبياء الذين كانوا فيها قبلهم.
ويصل إمداد هؤلاء من أرواحهم ومنهم من يأخذها كما ذكرنا عن الله، إمّا في موادّ تلك الرسل والأنبياء أو في الحضرات الإلهية.
و الوارث المحمّدى يأخذ العلوم النبوية عن روح رسول الله صلّى الله عليه وسلم بحسب نسبته منه.
و الأعلى يأخذ عن الله في الصورة المحمّدية أو عن روح خاتم الولاية الخاصّة المحمّدية أو عن الله فيه كذلك.
فالمقامات الإلهية و الأحوال و العلوم معمورة أبدا بعد الأنبياء بالورثة المحمّديين و غير المحمّديين.
و يسمّيهم المحقّق «أنبياء الأولياء»، كما أشار إلى ذلك رسول الله صلّى الله عليه و سلم بقوله، "علماء أمّتى كأنبياء بنى إسرائيل"، و في رواية، "أنبياء بنى إسرائيل"، بلا كاف التشبيه.
و الروايتان صحيحتان.
فالآخذون عن أرواح الرسل من كونهم رسلا ليست علومهم و أحوالهم و مقاماتهم جمعية أحدية محيطة. و الآخذون علومهم عن الله في الصورة المحمّدية الختمية هم الكمّل من أقطاب المقامات.
و أكمل الكمّل وراثة أجمعهم و أوسعهم إحاطة بالمقامات و العلوم و الأحوال و المشاهد، و هو خاتم الولاية الخاصّة المحمّدية في مقامه الختمى.
فوراثته أكمل الوراثات في الكمال و السعة و الجمع و الاحاطة لعلوم رسول الله صلّى الله عليه و سلم و أحواله و مقاماته و أخلاقه، و يطابقه في الجميع.

.
واتساب

No comments:

Post a Comment