Tuesday, August 20, 2019

11 - فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية .شرح عبد الرحمن الجامي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

11 - فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية .شرح عبد الرحمن الجامي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

11 - فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية .شرح عبد الرحمن الجامي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

شرح الشيخ نور الدين عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامي على متن فصوص الحكم للشيخ الأكبر

قال الشيخ رضي الله عنه : (  
من الآيات آيات الركائب ... و ذلك لاختلاف في المذاهب 
فمنهم قائمون بها بحق ... و منهم قاطعون بها السباسب ) 
لما فتح الله باسم الفناح الذي هو جملة مفاتيح الغيب على صالح عليه السلام باب الإعجاز الفاتح على بعض أمته طريق السعادة حيث آمنوا به. 
وعلى بعضهم طریق الشقاوة حيث كفروا به بانفتاح الجبل. 
وبين أيضا الشيخ في حكمته أن فتح باب الإيجاد مبني على الفردية وصف حكمته بالفتوحية. 
فالفتوح إن كان جمع فتح فجمعیته مشعرة بأن تلك المعجزة فتحا على فتح كما وقع الإيماء إليه ، وإن كان منفردا فمع إشعاره بالفتح ينبیء عن كونها مما لم يتوقع مثلها. 
وفي كثير من النسخ: فاتحية بدل فتوحية وهي أنسب لفظا، ولما كان بعض الركائب الذي هو الناقة معجزا لصالح عليه السلام ابتدأ رضي الله عنه بذكر الركائب. 
فقال: (من الآيات)، أي من جملة الآيات والمعجزات (آیات الركائب)، أي المعجزات المتعلقة بالركائب، فإن ذوات الركائب لیست معجزة بل المعجزة إنما هي انفتاق الجبل عنها، أو المراد بها الركائب المعجزة . 
فإن من الركائب ما هي معجزة وما ليست بمعجزة، والمعدود من جملة المعجزات إنما هو الركائب المعجزة منها لا مطلقا . 
لا يبعد أن تجعل الركائب إشارة إلى أبدان السالكين ونفوسهم الحيوانية. 
فإن الأبدان ركائب النفوس الناطقة وفي كل منها أبنات وعلامات تدل على مراتب أستعدادات السالكين وعلى تفاوت ما يفيض عليهم بحسب الاستعدادات من الأسماء الإلهية  
(وذلك)، أي كون بعض الآيات الركائب (لاختلاف) واقع (في المذاهب)، أي مذاهب الأمم في اقتراحاتهم المعجزات من الأنبياء فان لكل منهم مذهبا في اقتراح المعجزة يقتضيه استعداده . 
فبعضهم يقتضي استعداده اقتراح الركائب المعجزة، وبعضهم يقتضي استعداده غير ذلك. 
 فـ منشأ كون بعض المعجزات من قبيل الركائب إنما هو اختلاف مذاهب الأمم في اقتراحاتهم لتفاوت استعداداتهم . 
(فمنهم)، أي من أصحاب الركائب المؤمنين بالأنبياء عليه السلام بسبب اعجاز الركائب (قائمون بها)، أي بتلك 
  
قال الشيخ رضي الله عنه : (  
فأما القائمون فأهل عين ... و أما القاطعون هم الجنائب 
و كل منهم يأتيه منه ...   فتوح غيوبه من كل جانب 
اعلم وفقك الله أن الأمر مبني في نفسه على الفردية و لها التثليث، فهي من الثلاثة فصاعدا. فالثلاثة أول الأفراد. 
و عن هذه الحضرة الإلهية وجد العالم ، فقال تعالى «إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون» و هذه ذات، ذات إرادة و قول. 
فلولا هذه الذات و إرادتها و هي نسبة التوجه بالتخصيص ) 
الركائب، أي يقومون بركوبها ويتصدون له (بحق)، أي شهود حق وكشف صادق بحيث لا تحجبهم تعينات الراكبية والمركوبية والمسافة والابتداء، الانتهاء عن شهود الواحد الحق تعالی. 
بل يشاهدون أن الكل هو الحق المطلق بل تقيد وتعين بتلك الصور من غير أن تمنعهم كثرة الصور عن شهود الوحدة . 
(ومنهم قاطعون بها)، أي بتلك الركائب (السباسب) فيسندون القطع إلى أنفسهم ويجعلون الركائب وسائل في ذلك القطع . 
أو برون السباسب المسافة المقطوعة فتحجبهم كثرة هذه الصور عن شهود الوحدة . 
فالطائفة الأولى شهدوا الأمر على ما هو عليه . 
والطائفة الثانية بقوا في ظلمة الجهل والبعد . 
كما قال : (فأما القائمون فأهل عين) يشهدون بها الأمر على ما هو عليه  
(وأما القاطعون هم الجنايب) جمع جنيبة فعيلة من الجنوب وهو البعد، أي المحجوبون المبعدون . 
(وكل منهم)، أي من القائمين والقاطعين (تأتيه منه فتوح غيوبه) الضمير ان المجروران 
إما راجعان إلى الحق تعالى أو العبد، أو أحدهما للحق والآخر للعبد ولكل وجه يظهر بالتأمل. 
وقوله (من كل جانب) متعلق بقوله : يأتيه ، أي من فوقهم وتحت أرجلهم . 
(اعلم وفقك الله) لفهم الحقائق على ما هي عليه (أن الأمر)، أي أمر الإيجاد (مبني في نفسه على الفردية)، وهي عدم الانقسام بالمتساويين عما من شأنه الانقسام فلا تشمل الواحد. 
وبين أن المقسم إما أن ينقسم بالمتساويين فله الشفعية والثنوية من العدد . 
أو لا ينقسم بالمتساويين بل بالمتخالفين في الزيادة والنقصان فله الفردية . 
والتثليث ضرورة اشتمال القسم الزائد على الناقص، وفضل. 
وإليه أشار بقوله (ولها)، أي الفردية (التثليث فهي)، أي الفردية مبتدأة (من الثلاثة) لأن أقل عدد لا ينقسم إلى متساويين إنما هو الثلاثة (فصاعدا) كالخمسة والسبعة والتسعة وغيرها 
(فالثلاثة أول الأفراد. وعن هذه الحضرة) الفردية (الإلهية) التي لها التثليث (وجد العالم فقال تعالى: «إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون» فهذه [النحل: 40]) الحضرة  الفردية التي لها التثليث ومنها وجد العالم. 
(ذات ، ذات إرادة وقول : فلولا هذه الذات وإرادتها وهي 
  
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلولا هذه الذات و إرادتها و هي نسبة التوجه بالتخصيص لتكوين أمر ما، ثم لو لا قوله عند هذا التوجه كن لذلك الشيء ما كان ذلك الشيء. 
ثم ظهرت الفردية الثلاثية أيضا في ذلك الشيء، و بها من جهته صح تكوينه و اتصافه بالوجود، و هي شيئيته و سماعه و امتثاله أمر مكونه بالإيجاد. 
فقابل ثلاثة بثلاثة: 
ذاته الثابتة في حال عدمها في موازنة ذات موجدها،  
وسماعه في موازنة إرادة موجده، 
وقبوله بالامتثال لما أمر به من التكوين في موازنة قوله كن، فكان هو . 
فنسب التكوين إليه فلو لا أنه من- قوته التكوين من نفسه عند هذا القول ما تكون. 
فما أوجد هذا الشيء بعد أن لم يكن عند الأمر بالتكوين إلا نفسه. 
فأثبت الحق تعالى أن التكوين للشيء نفسه لا للحق، والذي للحق فيه أمره خاصة. ) 
نسبة)، أي نسبة هي (التوجه بالتخصيص لتكوين أمر ما، ثم لولا قوله عند هذا التوجه الإرادي كن لذلك الشيء ما كان ذلك الشيء ثم ظهرت الفردية الثلاثية أيضأ في ذلك الشيء) المتوجه إليه (وبها)، أي بتلك الفردية (من جهته)، أي من طرف ذلك الشيء. 
(صح تكوينه)، أي تكونه ولهذا عطف عليه قوله : (واتصافه بالوجود) عطف تفسير وإنما قلنا ذلك فإن المكون يعني المؤثر في كون الشيء ووجوده إنما هو الحق سبحانه، ولو جعلته مكونا بملاحظة أن القائل أيضا داخل في التكوين فغير بعيد وتلك الفردية الثلاثية. 
(هي شيئيته) الثبوتية (وسماعه وامتثاله أمر مكونه با لإيجاد ، فقابل ثلثه بثلثه : ذاته الثابتة في) العلم في (حال عدمها) بحسب العين (في موازنة ذات موجودها، وسماعه في موازنة إرادة موجده، وقبوله بالامتثال لما أمر به من التكوين)، أي التكون . 
(في موازنة قوله كن فكان هو ،فنسب التكوين إليه)، أي إلى الشيء الموجد . 
(فلولا أنه في قوته التكوین)، أي التكون بمعنی قبول الكون قبولا ناشئا (من نفسه عند هذا القول)، أي قول کن (ما تكون) . 
فقوله : ما تكون قرينة على أن المراد بالتكوين فيما سبق هو التكون وإلا فالمناسب ما کون (فما أوجد هذا الشيء بعد أن لم يكن عند الأمر بالتكوين إلا نفسه). 
يعني هو بنفسه محركه من العدم. 
 أي من الوجود العلمي إلى العين. 
 أي الوجود الخارجي بعد ما أمر به ، وليس للحق سبحانه إلا الأمر. 
(فأثبت الحق تعالی) بقوله : "فيكون" ،حيث أسند الكون إلى الشيء نفسه لا إلى الأمر المكون. 
(أن التكوین)، أي التكون (للشيء) المأمور بالکون (نفسه لا للحق والذي للحق فيه)، أي في التكوين (أمره خاصة) لا الفعل المأمور به 
  قال الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك أخبر عن نفسه في قوله «إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون» فنسب التكوين لنفس الشيء عن أمر الله وهو الصادق في قوله. 
وهذا هو المعقول في نفس الأمر. 
كما يقول الآمر الذي يخاف فلا يعصى لعبده قم فيقوم العبد امتثالا لأمر سيده. 
فليس للسيد في قيام هذا العبد سوى أمره له بالقيام، والقيام من فعل العبد لا من فعل السيد. 
فقام أصل التكوين على التثليث أي من الثلاثة من الجانبين، من جانب الحق ومن جانب الخلق. ثم سرى ذلك في إيجاد المعاني بالأدلة: 
فلا بد من الدليل أن يكون مركبا من ثلاثة على نظام مخصوص وشرط مخصوص، وحينئذ ينتج لا بد من ذلك، وهو أن يركب الناظر دليله من مقدمتين كل مقدمة تحوي على مفردين فتكون أربعة واحد من هذه الأربعة يتكرر في المقدمتين لتربط إحداهما بالأخرى كالنكاح )  (وكذا أخبر عن نفسه في قوله) في موضع آخر (إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون فنسب التكوين لنفس الشيء)، أي إلى نفسه لا إلى الله سبحانه وتعالى . 
لكنه (عن أمر الله) والله سبحانه (هو الصادق في قوله) المنبيء عن حصر أمره في القول وعن انتساب التكوين إلى الشيء نفسه . 
(وهذا)، أي انحصار أمر أنه في القول وانتساب التكوين إلى الشيء نفسه كما أنه المفهوم من قوله المنقول كذلك (هو المعقول في نفس الأمر). 
فإن الأمر إنما يطلب من المأمور بصيغة الأمر مبدأ الاشتقاق لا الاشتقاق الذي هو من جملة أفعاله الصادرة عنه فالأمر بكون الفعل المأمور للأمر والفعل المأمور به لئمأمور. 
( كما يقول الأمر الذي يخاف) على البناء للمفعول . 
وكذلك قوله : (فلا يعصى) والجار والمجرور في قوله (لعبده) متعلق بقوله يقول، أي يقول الأمر لعبده (قم فيقوم العيد امتثالا لأمر سیده فليس للسيد في قيام العبد سوي أمره له بالقيام والقيام من فعل العبد لا من فعل السيد فقام أصل التكوين على التثليث). 
( أي) هو منشأ (من الثلاثة من الجانبين من جانب الحق ومن جانب الخلق ثم سرى ذلك) التثليث (في إيجاد المعانی)، أي في الذهن (بالأدلة فلا بد من الدليل) (من أن يكون مركبة من ثلاثة على نظام مخصوص وشرط مخصوص) كما بين في الكتب الميزانية . 
(وحينئذ ينتج لا بد من ذلك الإنتاج)، أو من ذلك التركيب للانتاج ونما ذكر أنه لا بد في الدليل عن التثليث، بين فيما ينتج الموجبات من ضروب الشكل الأول بشرف النتيجة وظهور الانتاج . 
فقال : (وهو)، أي التركيب (مثل أن يركب الناظر دليله من مقدمتين كل مقدمة تحتوي على مفردین فتكون أربعة كل واحد من هذه الأربعة يتكرر في 

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فتكون ثلاثة لا غير لتكرار الواحد فيهما. 
فيكون المطلوب إذا وقع هذا الترتيب على الوجه المخصوص وهو ربط إحدى المقدمتين بالأخرى بتكرار ذلك الواحد المفرد الذي به يصح التثليث. 
والشرط المخصوص أن يكون الحكم أعم من العلة أو مساويا لها، وحينئذ يصدق، وإن لم يكن كذلك فإنه ينتج نتيجة غير صادقة. 
وهذا موجود في العالم مثل إضافة الأفعال إلى العبد معراة عن نسبتها إلى الله أو إضافة التكوين الذي نحن بصدده إلى الله مطلقا. ) 
المقدمتين ليربط إحداهما بالأخری کالنکاح) الذي هو الوطء فإنه مشتمل على مقدمتي الأبوين المنطوي على كل واحد منهما على آلة التناسل وهو الواحد المتكرر (فتكون ثلاثة لا غير لتكرار الواحد منها فيكون)، أي يوجد (المطلوب إذا وقع هذا الترتيب على هذا الوجه المخصوص وهو ربط إحدى المقدمتين بالأخرى بتكرار ذلك الواحد الفرد الذي) هو مفرد من مفردی کل مقدمة . 
و ذلك التكرار بأن يكون محمولا في الصغرى موضوعا في الكبرى . 
وفي بعض النسخ :  
الوجه الفرد الذي (به صح التثليث) سمي الأوسط وجها لأنه وجه ثبوت الأكبر للاصغر، وعلنه في الذهن فقط ، إن كان برهان مباينا وفي الخارج أيضا إن كان كليا ولذلك نسميه علة وسببا فيما بعد. 
(والشرط المخصوص) فبما ينتج الإيجاب من ضروب الشكل الأول (أن يكون الحكم)، أي المحكوم به يعني الأكبر (أعم من العلة) يعني الأوسط  
كما يقال : زید إنسان ،وكل إنسان حیوان، فـ زيد حيوان. 
(أو مساويا لها)، كما يقال : زيد انسان حيوان ، وكل إنسان ناطق فـ زيد ناطق. 
وذلك لتصديق الكبرى كلية . 
(وحينئذ تصدق) النتيجة أو القضية التي حكم فيها بالأكبر على كل الأوسط . 
(وإن لم يكن كذلك) كما إذا كان الأكبر أخص من الأوسط أو مباينا له ويحكم به عليه كليا . (فإنه ينتج) في بعض المواد (نتيجة غير صادقة). 
كما يقال : زید حیوان و كل حیوان فرس فـ زيد فرس. 
أو زید حیوان و کل حیوان جماد فـ زيد جماد. 
وإنما قلنا : في بعض المواد، لأنه إذا كان الأصغر أفراد الأكبر الأخص من الأوسط، ويحكم بالأكبر على الأوسط كليا تصدق  النتيجة. 
 وإن كانت الكبرى كاذبة كما يقال : زيد حيوان وكل حيوان ناطق فـ زيد ناطق. (وهذا)، أي صدق النتيجة عند حكم التثليث في المقدمات و عدم صدقها عند عدمها (موجود) متحقق (في العالم مثل إضافة الأفعال إلى العبد معراة عن نسبتها إلى الله) سبحانه . 
فإن من أضافها إلى العبد فقط لم يتفطن بأنه لا بد في تحقيق الأثر من فاعل و قابل و رابعة بينهما . 
وبأن القابل لا أثر له بدون الفاعل لا جرم أضأ فيها إلى المقابل فقط 
وهذه الإضافة كاذبة لعدم ملاحظة التثليث فيها (أو إضافة التكوين الذي نحن بصدده إلى الله مطلقا) من غير أن 
  
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والحق ما أضافه إلا إلى الشيء الذي قيل له كن. 
ومثاله إذا أردنا أن ندل أن وجود العالم عن سبب فنقول كل حادث فله سبب فمعنا الحادث والسبب. 
ثم نقول في المقدمة الأخرى والعالم حادث فتكرر الحادث في المقدمتين. 
والثالث قولنا العالم، فأنتج أن العالم له سبب، وظهر في النتيجة ما ذكر في المقدمة الواحدة وهو السبب. 
فالوجه الخاص هو تكرار الحادث، والشرط الخاص عموم العلة لأن العلة في وجود الحادث السبب، وهو عام في حدوث العالم عن الله أعني الحكم. 
فنحكم على كل حادث أن له سببا ) 
يكون للعبد فيه مدخل 
وهذا أيضا كاذب كيف (والحق) سبحانه (ما أضافه إلا إلى الشيء) القابل (الذي قيل له کن) مع أن للفاعل المؤثر أيضا فيه مدخلا . 
لكنه سبحانه لاحظ جانب تقييد الوجود الظاهر في حقيقة القابل وهو من القليل لا جانب التجلي الوجودي فإنه من الحق سبحانه والنتيجة الصادقة هي الإضافية الواقعة إلى كلا الجانبين والنسبة الرابطة بينهما هو الحق بسبب الواقع (مثاله). 
أي مثال سريان التثليث في إيجاد المعاني (إذا أردنا أن ندل على أن وجود العالم عن سبب فنقول كل حادث فله سبب) 
وفي تقديم الكبرى إشارة إلى أنها الأصل في الإنتاج لاندراج النتيجة فيها بالقوة وعلى سبيل الإجمال (فمعنا) باعتبار الكبرى (الحادث والسبب)، أي فإن له سببا (ثم نقول في المقدمة الأخرى التي هي الصغرى والعالم حادث فتكرر الحادث في المقدمتين) فكان واحد به ارتبطت إحداهما بالأخرى فتحصل ثلاثة : 
 الأول : الحادث،  
والثاني: أن له سببا  
(والثالث: قولنا العالم فأنتج) هذا الدليل المنطوي على التثليث . 
(إن العالم له سبب فظهر في النتيجة) تفصيلا (ما ذكر في المقدمة الواحدة) المسماة بالكبرى إجمالا وما ذكر في النتيجة تفصيلا ، وفي تلك المقدمة إجمالا (وهو أن العالم له السبب فالوجه الخاص) الذي أشار إليه أولا بقوله على الوجه المخصوص (هو تكرار الحادث) ليتعدی الحكم بالأكبر إلى الأصغر . 
فليس المراد بالوجه الأوسط (والشرط الخاص) الذي أشار إليه أولا بقوله : والشرط المخصوص (هو عموم العلة)، أي عموم هذا الحكم المخصوص يعني الأكبر الذي هو قولنا : له سبب العلة المخصوصة ، يعني الأوسط الذي هو الحادث فتكون إضافة العموم إلى العلة من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله . 
ويمكن أن يراد بالعلة الأكبر، لأن الأكبر في هذه المادة مو السبب والعلة ترادف السبب فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل. 
ثم أشار إلى عموم الأكبر لكل أفراد الأوسط بقوله : (لأن العلة)، أي العلة المؤثرة (في وجود الحادث السبب) فالحادث له سبب (وهو) أي الحكم بأن الحادث له سبب. 
أو قولنا له سبب (عام في حدوث العالم) ، أي شامل لكل أفراد الحادث المحمول على العالم . 
وقوله : (عن الله) قيد اتفاقي أشار إلى ما عليه الأمر 
  
قال الشيخ رضي الله عنه : ( سواء كان ذلك السبب مساويا للحكم أو يكون الحكم أعم منه فيدخل تحت حكمه، فتصدق النتيجة. 
فهذا أيضا قد ظهر حكم التثليث في إيجاد المعاني التي تقتنص بالأدلة. 
فأصل الكون التثليث، ولهذا كانت حكمة صالح عليه السلام التي أظهر الله في تأخير أخذ قومه ثلاثة أيام وعدا غير مكذوب، فأنتج صدقا وهو الصحيحة التي أهلكهم الله بها فأصبحوا في ديارهم جاثمين. ) 
  
في نفسه (أعني الحكم) سواء أريد بالحكم النسبة الإيقاعية أو المحكوم به كما أشرنا إليه تفسير للضمير الغائب أعني هو (فنحكم على كل حادث أن له سببأ سواء كان السبب) أي الوسط فعبر عنه به أولا بالعلة (مساوية للحكم)، أي الأكبر فيكون الحكم أيضا مساويا له وذلك إذا أردنا بالحادث الحادث الذاتي. 
(أو يكون الحكم أعم منه) وذلك إذا أردنا بالحادث الحادث الزماني (فيدخل) أن السبب الذي هو الأوسط (تحت حكمه)، أي حكم الأكبر (فتصدق النتيجة) ضرورة تعدي الحكم من الأوسط إلى الأصغر. 
(فهذا أيضا قد ظهر حكم التثليث)، أي هذا حكم التثليث على أن يكون اسم الإشارة مبتدأ وحكم التثليث بیانة به أو بدلا عنه . 
وقوله : وقد ظهر خبره أو يكون حكم التثلیث خبرة عنه. 
وقوله: قد ظهر استئنافا أو قيدا للخبر ويحتمل أن يكون هذا مبتدأ وما بعده خبره على تقدير عائد إليه. 
أي هذا أيضا قد ظهر به حكم التثليث الواقع (في إيجاد المعاني التي تقتضي بالأدلة) وحينئذ يكون إيراد قوله أيضا بالنظر إلى مطلق التثليث 
(فأصل الكون)، أي ما ينبني عليه الكون خارجا أو ذهنا (التثليث). 
(ولهذا)، أي لكون الأصل في الكون التثليث (كانت حكمة صالح عليه السلام التي أظهر الله)، أي أظهرها الله. 
(في تأخير أخذ قومه ثلاثة أيام) يتلونون فيها بثلاثة ألوان (وعدا) صادقا (غير مكذوب) قوله : في تأخير. 
متعلق بقوله : كانت أو بقوله: أظهر . 
وقوله : ثلاثة أيام مفعول فيه للتأخير 
وقوله : وعدة منصوب على أنه خبر كانت. 
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه وعد غير مكذوب بالرفع كما هو في القرآن أورده على سبيل الحكاية أو هو مرفوع خبر مبتدأ محذوف، أي ذلك وعد غير مكذوب وحينئذ تكون كانت تامة . 
أو يكون قوله : في تأخير أخذ قومه خبر لها. ويحتمل أن يكون على تقدير النصب أيضا تامة ويكون المنصوب حالا من الحكم أو الأخذ 
(فأنتج) التثليث المذكور (صدقا)، أي نتيجة صادقة موعودة غير مكذوبة (وهي الصبحة التي أهلكهم بها فأصبحوا في ديارهم)، أي ما كانوا فيه (جاثمين) أي قاعدين لا يستطيعون القيام بالترقي عنه . 
  
  
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فأول يوم من الثلاثة اصفرت وجوه القوم، وفي الثاني احمرت وفي الثالث اسودت. 
فلما كملت الثلاثة صح الاستعداد فظهر كون الفساد فيهم فسمى ذلك الظهور هلاكا، فكان اصفرار وجوه الأشقياء في موازنة إسفار وجوه السعداء في قوله تعالى «وجوه يومئذ مسفرة» من السفور وهو الظهور، كما كان الاصفرار في أول يوم ظهور علامة الشقاء في قوم صالح. 
ثم جاء في موازنة الاحمرار القائم بهم قوله تعالى في السعداء «ضاحكة»، فإن الضحك من الأسباب المولدة لاحمرار الوجوه، فهي في السعداء احمرار الوجنات. 
ثم جعل في موازنة تغير بشرة الأشقياء بالسواد قوله تعالى «مستبشرة» وهو ما أثره السرور في بشرتهم كما أثر السواد في بشرة الأشقياء. 
ولهذا قال في الفريقين بالبشرى، أي يقول لهم قولا يؤثر في بشرتهم فيعدل بها إلى لون لم تكن البشرة تتصف به قبل هذا. 
فقال في حق السعداء «يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان» وقال في حق الأشقياء «فبشرهم بعذاب أليم» . 
فأثر في بشرة كل طائفة ما حصل في نفوسهم من أثر ) 
(فأول يوم من الثلاثة اصفرت وجوه القوم وفي الثاني احمرت، وفي الثالث اسودت ، فلما كملت الثلاثة) في أيامهم وألوانهم (صح الاستعداد)، أي استعداداتهم للفساد والهلاك (فظهر كون الفساد فيهم)، أي نحنق الفساد ووجوده أو الكون الذي يتبع الفساد لأن كل فساد پسنزم کونا (فسمي ذلك الظهور هلاكا فكان أصفرار وجوه الأشقياء في موازنة إسفار وجوه السعداء في قوله تعالى: "وجوه يومئذ شفرة" ) فيكون الإسفار في أول يوم ظهور علامة السعادة في السعداء . 
(كما كان الاصفرار في أول يوم ظهور علامة الشقاء في قوم صالح ثم جاء في موازنة الإحمرار القائم بهم)، أي الغر السريع الزوال، بخلاف احمرار الوجنات عند الضحك فإنه سريع الزول (قوله تعالى في السعداء "وجوه يومئذ" "ضاحكة" فإن الضحك من الأسباب المولدة لاحمرار الوجوه فهي)، أي الضاحكة باعتبار الضحك المفهوم منها 
(في السعداء احمرار الوجنات ثم جعل في موازنة تغيير بشرة الأشقياء بالسواد قوله تعالی: "مستبشرة" [عبس: 38]) . 
وهو ما أثره السرور في بشرتهم كما أثر السواد في بشرة الأشقياء. 
ولهذا قال الحق تعالى في الفريقين بالبشرى، أي يقول لهم قولا يؤثر في بشرتهم فيعدل بها إلى لون لم تكن البشرة تتصف به قبل هذا فقال تعالى في حق السعداء " يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان" [التوبة: 21].  
وقال في حق الأشقياء: "فبشرهم بعذاب أليم " [التوبة: 34].  
فأثر في بشرة كل طائفة ما حصل في نفوسهم من أثر هذا  
  
قال الشيخ رضي الله عنه : ( هذا الكلام. 
فما ظهر عليهم في ظاهرهم إلا حكم ما استقر في بواطنهم من المفهوم. 
فما أثر فيهم سواهم كما لم يكن التكوين إلا منهم. فلله الحجة البالغة. 
فمن فهم هذه الحكمة وقررها في نفسه وجعلها مشهودة له أراح نفسه من التعلق بغيره وعلم أنه لا يؤتى عليه بخير ولا بشر إلا منه. 
وأعني بالخير ما يوافق غرضه ويلائم طبعه ومزاجه، وأعني بالشر ما لا يوافق غرضه ولا يلائم طبعه ولا مزاجه. 
ويقيم صاحب هذا الشهود معاذير الموجودات كلها عنهم وإن لم يعتذروا، ويعلم أنه منه كان كل ما هو فيه كما ذكرناه أولا في أن العلم تابع للمعلوم، فيقول لنفسه إذا جاءه ما لا يوافق غرضه: يداك أوكتا وفوك نفخ. 
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.) 
الكلام فما ظهر عليهم في ظاهرهم إلا حكم ما استقر في بواطنهم من المفهوم عن ذلك الكلام فما أثر فيهم سواهم)، أي أمر خارج عنهم. 
(كما لم يكن التكوين إلا منهم "فلله الحجة البالغة" ) [ الأنعام : 149] على الناس كلهم سعيدهم وشقيهم فيما يعطيهم ويظهر عليهم في أيام السعادة والشقاوة . 
(فمن فهم هذه الحكمة) الفتوحية (وقررها في نفسه) بتحصيل العلم اليقيني بها الغير الزائل (وجعلها مشهودة له) و استحضرها في جميع أحواله . 
(أراح نفسه من التعلق بغيره وعلم أنه لا يؤنى عليه خير ولا شر إلا منه وأعني بالخير ما يوافق غرضه ويلائم طبعه ومزاجه وإن لم يوافق أغراض أخرين ولا بلائم طباعهم وأمزجتهم وأعني بالشر ما لا يوافق غرضه ولا بلائم طبعه ولا مزاجه)  
وإن وافق غرض آخرین ولائم طباعهم وأمزجتهم، وإنما صرح بهذه العناية تنبيها على أن الشر المطلق لا وجود له في نفس الأمر با الخبر المطلق أيضا . 
(ويقيم صاحب هذا الشهود معاذير الموجودات كلها عنهم وإن لم يعتذروا) عن أنفسهم ضرورة أنه يعرف مبدأ ذنك وأنهم مضطرون فيه (ويعلم أنه منه)، أي من نفسه (كان)، أي وجد . 
(كل ما هو فيه) بما يوافق غرضه أو لا يوافق (كما ذكرناه أولأ في أن العلم تابع للمعلوم فيقول لنفسه إذا جاءه ما لا يوافق غرضه: يداك أوكتا وفوك نفخ). 
هذا مثل مشهور يضرب لمن يتحسر ويضجر عما يرد عليه منه، أي ما صدر من ظاهرك وما ظهر من باطنك، كل منهما منشيء من حقيقتك لا من غيرك  
يقال : أوکی على سقائه إذا شده بالوكاء. والوعاء لقربة هو الخيط الذي يشد به فوها.  
(والله يقول الحق وهو يهدي السبيل) . 
.
التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment